الثلاثاء، ديسمبر 26، 2023

 قهوة؟

حوار طويل؟ 

خبز برائحة المنزل؟

ليالي من السهر والمكالمات الفائتة دلالا وغنجا..واختبارا للصبر..

رداء ازرق وروب صوف وانكماش أمام المدفئة ..صراحة لا تضمر. . 

تلذذ بالألم.. اكمال الصراحة..

صراخ..شجار صبياني..

ثم غمرة..طويلة .. ثم رقصة ..أطول..

ثم مطر..

مطر غزير من الشرفة .. 

تكتمل الليلة .. 



الاثنين، ديسمبر 18، 2023

نسوة المدينة

 ايام تفصلني عن كتابي الجديد.. لا اعرف ان كنت سعيدة ام مازال الفتور يقتلني.. سعيدة بحدوث هذه الخطوة وخائفة حتى الثمالة من الدخول في هذا النفق المرعب من جديد..

لكن الفخر يملؤني في ساعات بعينها حين اتذكر كيف استطعت الاحتفاظ بنفسي وسط بيئة عفنة كالتي عملت فيها، كيف استطعت اقتطاع سويعات قليلة لافتح جوجل دوكيومنت واكتب .. كيف ساعدتني مدونتي حين كنت ادخل العمل باكرا او حين يفيض بي الملل او تثور مشاعري فأكتب فيها كل شاردة وواردة، كيف ساعدتني هذه الطريقة ان اعود للياقتي مرة أخرى بكتاب باتت فكرته غريبة علي طبيعتي..

أن تكون كاتبا بلا رواية.. ثم كاتب بلا رواية.. هكذا بدأت الفكرة.. رؤوس اقلام لكل القصص التي مرت علي ولم اكتبها، لكل القصص التي ادين لها والتي انتزعت قلبي انتزاعا، مشاعر وافكار متناثرة، مراجعات لبعض التوابيت التي فرضت علينا فرضا، كتبت.. كتبت حتي ارتويت.. كتبت دون أن اعرف اين سيقودني هذا الكتاب، ثم في لحظة بعينها عرفت اين سيقودني، لهذا اكملت.. بدأت ارتب الافكار، واقرأ قبل ان اكتب، انتقيت كتبي، انتقيت الهامي، امعنت النظر، كتبت مسودات واعدت تصحيحها وتشكيلها، لم ارضخ لوحي الكلمة الأولى، بل نفثتها ثم اعدت تشكيلها فطاوعتني كما يطاوع الطين الرطب النحات.. كانت مهمة ممتعة لم اتخيل ان استمتع كل هذا الاستمتاع وانا اكتب هذه المرة.. 

وبعدما انتهيت، كان النشر اسهل مما اتخيل، لم اتخيل اصلا ان تكون لي الكلمة الأولى في التفاوضات، أن أكون اسما مطلوبا، ان تكون كتاباتي شيقة ومثيرة وكما يقول لي الجميع، ننتهي من قرائتها سريعا دون تعقيد لكنها تثير في النفس المتعة والتساؤل!

 وماذا اريد اكثر من هذا.. 

وحين راجعت المسودة الأولى اكتشفت كيف حضرت النساء الي كتاباتي بكل هذه السطوة.. فكرنا في تغير اسم الكتاب حتي لا يخدع المشتري، فكرت طويلا.. وقرأت الكتاب مرة أخري.. حسنا .. ليكن " نسوة المدينة" انهن حاضرات في كل سطور الداخل، ليأخذن شرف العنوان ايضا.. 

حسنا، ها أنا ذا أعود، بكتاب جديد حتي لو اسمته دار النشر مجموعة قصصية، لكنه في نظري كتاب، اعود بروايتين اكتب فيهما بشكل متوازي، وكتاب ثالث عن تجربتي في لندن .. من أين يأتي هذا الزخم وقد صنعت أمس خبز الباجيت في المنزل؟ كل ما هنالك أن العودة للأصل هي الحكمة التي وصلت لها، ان ابدأ من داخلي الحقيقي ولا اخشى الوصمة، قالت لي : تبدو امرأة عادية جدا تحكي..

هذا هو ما اردت.. امرأه عادية.. عادية النساء اصلا أمرا غير عادي في هذا الزمن،، الترادف مع الأنوثة، الاتساق معها، السير بمحاذاتها حتى تلتصق بها كالمغناطيس.. هذا الفعل غير عادي.. لا مجال هنا للتلون لارضاء المجتمع او لإرضاء الثقافات الدخيلة.. الهدف هو الاتساق مع الذات فقط.. 

إن اكثر شئ احبه في نفسي أنني لا أكذب عليها، أنني اقف امام المرآة واقول الحقيقة وانا انظر لعيني دون خجل.. انني اكتب ما اعتقد واشعر. وانني دعوت الله طويلا ان يمنحني الحكمة.. وان ينير بصيرتي. وها هي ترشدني.. 

لتكن هذه البداية عودة لنفسي بعد أعوام طويلة قضيتها في الصحافة، اعوام كانت تسكت قلبي وقلمي لأنني امارس الكتابة دون ان اكتب حقيقة.. اقرأ دون قراءة حقيقية.. افعال استنزافية.. لكن ها هو الوقت يعود ليرد لي الجميل، جميل ما بذلته من اخلاص .. يتمدد امامي فتزداد الدقائق دقائق، وتزداد الساعات طولا وعرضا، واشعر انني اغوص في ابعاد اكثر عمقا من الازمنة الحياتية العادية.. 



الثلاثاء، نوفمبر 07، 2023

ثمانية وثلاثون عاما ومازلت أعيش الأحلام كالمراهقين.. انام بعدما يغادر الصبية، أنام نوما عجيبا، خليطا من الأحلام واليقظة، لكنني أدخل فيه حيزا من الزمكان، حيزا يحررني ويسعدني، اتحرك بلا جسد، واعيش كل الادوار التي رغبت بها في حياتي، هناك حين يختلط الواقع بالخيال احب نفسي واتحدث واخطط لأشياء في واقعي الحقيقي، ثم اتذكر اننني في حلم فأطلب اشياء مستحيلة، تتحقق، او لا تتحقق فقط يسعدني هذا الشعور بامكانية التحقق.. أصحو فيختلط علي الأمر لدقائق طويلة حتي افند الحلم من الواقع.. ويبدأ عقلي باسترداد نصوصه الحقيقية ويتلاشى أثر عن الحبر السري الذي طالعني في خيالي.. 
إنني أعشق النوم، وأحلامي.. وأحمد الله حمدا كثيرا أنه منحني هذه الهبة.. أن أعيش حياتين كاملتين بكل تفاصيلهما.. 

السبت، سبتمبر 09، 2023

ديما

 أمس، وتزامنا مع عيد ميلادي الثامن والثلاثين، رزق أحمد ابن خالي الصغير بابنته "ديما" كنت أعرف ان امرأته ستلد بين نهاية أغسطس وبداية سبتمبر، لكنني لم اتخيل ابدا ان يحدد لها الطبيب موعدا في صباح الجمعة، كنت أظن الجمعة توافق التاسع من سبتمبر،، لكنني ذهلت وانا اتصفح اجندة مواعيدي ان الجمعة يوافق الثامن من سبتمبر، شعرت ببهجة واسعة. فتاة مولودة معي في نفس اليوم، أمر لم اتخيله في احلامي.. 

كم اشتاق ان أكون أما لفتاة، لم أفكر من قبل ان كنت احب الصبية ام الفتيات، لكن بعدما عشت ست سنوات تقريبا مع ابنائي، اشعر بعاطفة مفرطة في البدائية بحب الفتيات، كثيرا ما أمشط شعر لارا ابنة اختي او داليدا ابنة ابنة خالي، او اثني علي ملابسهن ومظهرهن واشعر انني اريد ان يكون عندي فتاة.. فمابالي بفتاة عذرائية... انه اقصي احلامي

اعتقد انني سأكن حبا خاصا لديما، رغما عني رغم انني لم ارها حتي اليوم، لكن .. سأنتظرها علي شوق

الثلاثاء، أغسطس 08، 2023

مازلت مراهقة.. مراهقة تماما حتي لو بدأت التجاعيد تزحف حول عيني وانتشرت علامات التمدد علي ساقي.. مازال قلبي ينبض في مشاهد الحب .. ينبض نبضا حارقا..

مازلت اراجع أفلامي القديمة، واعيد كتابة المشاهد.. اعيد صياغة الكلمات.. أعيد سرد السيناريو.. أعيد الاستماع لنفس المقطوعات التي كنت اسمعها قبل عشرين عاما.. 

هذه الهبة التي منحها الله لقبي لهي أسمى هباته لي، أنني أشعر.. وأن الحب لا يتوقف علي حدود الشعور إنما منحني الله الكلام لأكتب عن هذه المشاعر، حتي لو كنت فاشلة تماما في قولها بلساني لكن يدي.. أناملي، هي سري الأثير.. وكأن خيطا سحريا يربط بين قلبي وأناملي، كالعازفين.. لهذا أحبهم حتي الثمالة.. 

تمنيت كثيرا أن أعزف .. وحاولت.. لكن يدي تكتب فقط ولا تعزف.. اكتفيت بما تحدثه الموسيقى داخلي من وهج.. وهي ما تحفز كلماتي كثيرا.. لكن هذا لا يمنع أنني مازلت أتمنى تلك الأمنية


أقول لنفسي لماذا أنا فاشلة في قول ما أكتب بلساني، كخجل التعرى أمام الناس، أمر لا أطيقه.. حتى أنني كثيرا ما أشاهد الشعراء وأعجب كيف يفعلون هذا؟ أشاهد العازفين ويزداد تعجبي أكثر وأكثر.. وأشاهد المغنين أفتح فمي كالحمقى ثم أزم شفتي قائلة: لله في خلقه شئون! 

أنا أحب الكلمات، أحب كتابتها، وأحب قراءتها، وأحب ما تحدثه في قلبي من صحوة، لكنني أشتاق أن يتحرك لساني كما تتحرك أناملي، أشتاق البوح.. أشتاق أن أقضي ليلي علي ضوء شمعه، أو تحت ضوء النجوم، فلا يراني من يجاورني، أتخفى في ظله وألتمس من الكون الفسيح حولي طاقة لنفض الكلمات.. للغزل.. للشعر... متى توقف الناس عن هذه الأفعال؟ متى توقفوا عن الرومانسية؟ حسب قراءاتي المحدودة فإن الرجال برعوا أكثر في الغزل واكتوت قلوبهم بالحب وويلاته، وخاضوا حروبا و ازهقت ارواحهم جراء هذا الحب.. أين هم اليوم؟ 

أعتقد أنهم توقفوا حين ضل كل رجل في هذا العالم طريقه لامرأته..  وتكاثرت أعدادهم حتي انطفأ الحب في قلوبهم وأصبحوا أكثر مادية  وتفننوا في طرق التخفي خلف كل تفاصيل حياتهم التافهة.. أنا شخصيا لا أكترث لكل هذه الحياة.. لا أكترث للمال لا أكترث للنجاح.. لا أكترث للمقارنات.. لا أكترث ابدا لكل ما تحمله الحياة من زخم وصراع.. أنا مكتفية تماما بجلسه تحت النجوم.. النجوم لا تحتاج للمال.. النجوم لا تختار أن تضى فوق رؤوس رجال ناجحين وتنطفئ فوق الفشلة.. النجوم لا تحصل علي كشف بأرصدتنا البنكية لتشع فوقنا، او تنطفى.. النجوم هي النجوم.. والسماء هي السماء.. والسحاب هو السحاب.. والشمس.. ستشرق وتغرب حي تنتهي الحياة.. أين نحن من كل هذه الطاقة المشعة أين نحن من كل هذا الحب؟

أنا لا أحب الناجحين بمعايير اليوم، وبشكل غير واعي مني كلما شعرت أن الحياة تبتلعني اعتزل، فأعود لنفس النقطة.. نفسها بالضبط.. طعم قهوتي لا يتغير في فمي، حبي للشروق لم يتغير، كراهيتي للحيوات الاجتماعية لم تتغير، كراهيتي للعمل النظامي كما هي، عشقي للسهر كما هو، وانتظاري للحظة بعينها كما هو، وتفاصيل الروتين الحياتي أكرهها، وحبي لمزاجي المتقلب كما هو..شوقي للرسائل كما هو.. خفقان قلبي أمام غيرة رجل على حبيبته كما هو.. وتأملي لتفاصيل جروحي التي لم تلتئم كما هو.. وهدوء قلبي حين استمع لربيع شوبين .. هو نقطة ارتكازي الأثيرة..

الاثنين، يوليو 17، 2023

 


لن أشفى.. لم استطع اكمال العبارة! ولن استطيع

ست سنوات لم أسافر فيهم أبدا، مازلت أعاني رهابا شديدا من الطائرات، بدأ في ٢٠١٥ وهجم علي في ذهابي وإيابي الي لندن حتي كدت أفقد الوعي من طول نوبة الهلع التي أصابتني لكنني هذا العام أتوق توقا غير عاديا لأن أقضي بضع أيام بمفردي في اليونان.. 

لا أعرف كيف سأفعل هذا، وكيف سأصمد في الطائرة لكن كل ما أفكر فيه هو نهار رائق في هيدرا، بمفردي، ربما استأجر مركبا لأصطاد وأطهو فيه.. وربما أنهي كتاباتي كلها دفعة واحدة.. 

وربما أشفى من كل العلل التي لحقت بقلبي واقطع حبال الانتظار فتصفي دمائها في البحر ولا يبقي لي غير أوتار ميتة..

وربما أغني..

وربما أكتب خطابا وأتركه بين الصخور.. 

كل ما اعرفه أنني اريد الاختلاء بنفسي.. وأردد قول نيرودا في أغنيته اليائسة: 

فيك غرق كل شئ.. مثل البعد،

مثل البحر، مثل الزمن، فيك غرق كل شئ!

الجمعة، مايو 26، 2023

 إنني أملك أوراقا لا يمكن لأحد أن يتخيلها.. ولأنني انتقلت بين عدة منازل ومحافظتين ودولتين بعد زواجي فقد كنت اجمع كتبي وأوراقي في كل مكان اذهب اليه، حتي انتقلت الي بيتي هذا في عام ٢٠١٧ حين عدت من لندن وكان معي نديم ولم يكن عندي غرفة مكتب جاهزة اللهم الا مكتبي القديم فقط..

يبدو أنني تركت كل كتبي واوراقي في كراتين في بيت أمي عند جدتي.. ست سنوات..

كنت اعود لمكتبتي التي تركتها في بيت امي وابحث بين الاوراق عن كراسة بعينها فلا اجدها.. بحثت كثيرا جدا..وكان هناك خزانة مغلقة ومفتاحها في ميدالية مفاتيحي القديمة.. وأمس، اشتد بي الحنين فأخذت الصبية لبيت امي وقررت فتح الخزانة فلم أجد بها غير البومين من الصور..ولم أجد الكراس المنشود!

بحثت في كل مكتبة في المنزل، كل خزانة، كل اوراق امي الكثيرة جدا.. لم اجدها..

وفجأة تذكرت أنني حزمت الكراتين الي بيت امي عند جدتي، حملت نفسي بكل شوق الي هناك.. في حجزة مزدحمة استخدمتها العائلة كلها لتخزين ما يفيض عن منازلهم، وهناك وجدت كراتين مليئة برواياتي أنا وكتب أحمد.. انفتح باب في قلبي.. الكراسة هنا.. في مكان ما..

ازلت الكراتين فوجدت كنوزا كنت قد نسيتها بالكامل، كل اوراق امتحاناتي بالجامعة، صوري وصور صديقاتي في كل مراحل عمرنا، خواطر واوراق وكراسات كثيرة جدا.. ثم فجأة وجدت كراسا بلون زهري لم أكن أذكر ما به، يبدو لي ككراسات المذاكرة اقرب منه لتلك المفكرات التي اشتريها لتدوين الخواطر، فتحت صفحاته لأصدم تماما..يبدو أنني في الفترة من ٢٠٠٩ الي ٢٠١٢ كنت اكتب خطابات بشكل دوري، بخط منمق وتواريخ مفصلة.. هناك بقايا دموع حيث ترق الورقات في مواضع بعينها وسط السطور.. ثم دموع شمعة .. يبدو أن هذه الخطابات كتبت علي ضوء شمعة..تذكرت كل شئ..

ابتسم.. كيف كنت رومانسية كل هذا القدر، وكيف تمت خيانتي بكل هذه القسوة! 

أنظر لنديم، إنه نسخة مني، يبقي مستيقظا من دوامات التفكير التي تسحقه.. ثم أراه وقد تعلم الكتابة منذ عامين يكتب ايضا اسماء ومشاعر بسيطة.. مثلا journir cry today وهي رفيقته التي يبدو انه احبها من النظرة الاولي، تفيض دموعي وابتسم في نفس اللحظة.. انه يعرف الحب!

سيصبح مثلي وإن كنت اتمنى له قدرا افضل، لكنه يؤرخ، هل ستعذبه الذكريات؟ أم سيكون أكثر شجاعة من أمه؟

ــــــــ

"من جدي فِيروس تعلمت الدماثة وضبط النفس"

"ومن والدتي تعلمت التقوى والإحسان والتعفف عن فعل السيئات ومن مجرد التفكير فيها"

"ومن مكسيموس تعلمت ضبط النفس والتمنع عن النزوات العابرة"

تبدو لي حكم ماركوس اوريليوس في التأملات تليق بالرجال أكثر من النساء..  ضبط النفس، العفة، فعل السيئات، التمنع عن النزوات.. إنها أمور ترتبط بالرجال أكثر وضبطها يزيد من النخوة ويحقق الفضيلة.

وهل ولدنا جميعا بعباءات الفلاسفة و قلنسوات المفكرين او المحاربين؟

 إن الحياة منذ الميلاد للموت هي "محاولة" للفضيلة، حين تُطلق علينا نزوات قلوبنا ككلاب شرسة، لا مجال هنا لتركها تحوم بين أيامنا حتى لا نحكم علي أنفسنا بالعار فيما تبقى لنا من أيام.. بل وجب ترويضها.. مهما بدى الترويض فعلا مؤلما

الفضيلة هي إيثار الغير، الفضيلة هي العصا التي نضرب بها أفكارنا لنعود الي صوابنا في كل مرة تغوينا اللذات، الفضيلة هي فعل من أتقنه فهو في مصاف الخالدين.. ومن ملك لذة حارقة في حياته تكون محاولات ممارسة الفضيلة أكثر قسوة لكنها قد تسمو بالروح في مجالس عدة إلي مواضع لن يصل إليها الآخرين ممن يملكون لذات عابرة او ينجرفون بحكم اللامبالة.

وحتى إن كنت أرى أن حكم اوريليوس تليق بالرجال أكثر فتطبيقها على النساء أشد قسوة.. هذا لأن المرأة خلقت من ضلعه فلا مجال لصلاح الجزء إلا بصلاح الكل، وليس العكس كما هو سائد ومعتقد، فالكل يرى أن صلاح الأسرة مثلا او الافراد كأجزاء اصيلين في تكوين المجتمعات قد يثمر بالضرورة عن صلاح المجتمع، لكن حقيقة انبثاق المرأة من ضلع الرجل يمكن تشبيهها تماما كالولادة، فإذا صح جسد المرأة الحامل ،صح جسد جنينها بالتبعية، وهنا يمكن القياس على أن صلاح الرجل أولا هو المؤدي الحتمي لصلاح المرأة..

أقول هذا ولا أعرف إن كان سيقي لي من الوقت لأكمل كتاباتي، وأنهي تجهيز حجرة مكتبي الجديدة التي مضى على وجودها ستة أعوام دون أن تليق بكتاب جديد.. 

ـــــــ

تركت المدونة التي فتحتها للكتابة صباحا، ثم اتجهت لمقهاي المفضل، كان في سيارتي كرتونة عثرت عليها في كنوز أمس لكنني لم أصعد بها لمنزلي، تركتها في السيارة، وقبل ان أترجل للمقهي مددت يدي في الكرتونة بشكل عشوائي لأخرج بكتاب" الجهل" لميلان كونديرا..

قرأت غلاف الكتاب الخلفي، وعلى غلافه الأمامي امرأة تجدف في مركب صغير في بحر داخل حجرة نوم!

فتحت الكتاب وانا اشرب قهوتي، يقول علي لسان إرنا:

"عودة عظيمة، لم تقاوم بعدها: بقيت أسيرة صور سرعان ما انبثقت، من قراءات قديمة وأفلام سينيمائية، من ذاكرتها ومن ذاكرة أسلافها: الإبن المفقود الذي يعود ويلتقي بأمه العجوز، الرجل الذي يعود الي حبيبته التي اقتلعه منها قدر ضار، بيت مسقط الرأس الذي يحمله كل شخص داخله، الطريق المعاد اكتشافه والذي بقيت فيه آثار خطوات الطفولة الضائعة، عوليس التائه الذي يعود الي جزيرته بعد أن تاه لسنوات، العودة، العودة، سحر العودة العظيم"

الثلاثاء، مايو 16، 2023

ليتني أنجب طفلا ثالثا!

رغبة لم اتخيل وجودها داخلي ولا حتي في أكبر خيالاتي الشاطحة، فقد عانيت الأمرين مع طفلي الثاني تحديدا،، لكن اليوم حلمت حلما غريبا.. 

حلمت أنني أحمل رضيعا أنا أمه، وأننا جميعا في مسبح ما .. كل العائلة كأننا نستمتع بحوض خاص، ثم حملت ولدي بين يدي واخذت اسبح به وانا احاول ان احمي رأسه ان يغمرها الماء، كان يبكي كثيرا.. لا اذكر ان كان صبيا أم فتاة لكن اعتقد صبيا..

المهم انني اذكر حضني له.. كان صغيرا ودافئا وضعيفا.. 

نظرت يميني منذ قليل فرأيت عصفورة صغيرة تقف علي شباكي من خلف الزجاج، تمنيت ان احتضنها جدا جدا.. ما بالي أريد أن أحضن الصغار والضعفاء كل هذا الحد. حتي أنني حين امسكت بلذيذ هذا القط الصغير جذا الذي احضرته ابنة خالتي الي بيتي، لم اتخيل ان امسك قطا في حياتي.. لكنني احتضنته بكل حب حته انني وضعته علي كتفي ولمس رقبتي!

اتذكر طفلي في الحلم.. لا اعرف من انا في احلامي، هل هي حقيقتي؟ 

اتوقع الاجابة هي نعم.. احلامي هي حقيقتي. انا أنثى تحب دورها كأنثى ولا اعرف كيف اتوافق مع هذا الدور في واقعي الذي أنا مسؤلة فيه عن كل تفاصيل الحياة

أحمد يحبني، يقول لي هذا..  نادرا.. او حين اطلب انا منه هذا..  لكن كيف سأموت وأنا لم اسمع هذه الكلمة من أعماق قلبه دون طلبها؟ يتحدث عن المواقف التي يتجلى فيها الحب، لا انكرها، لكن لا ترتوي النساء بالمواقف، فسرت له هذا مرارا.. ثم يأتي المجتمع ليضع قوله الفصل بأننا يجب أن نتحمل، الزوجات يجب أن يتحملن، ولا اعرف السبب وراء ذلك، احاول ايجاد تفسير في كتابي الجديد.

لا أعرف، ربما الأطفال هم امتداد لجذوري كأنثى لهذا اشتقت لهم.. ربما هي مقدمات لسن اليأس.. ربما هناك خطب ما أصابني مؤخرا..

كل ما اذكره هو نفس الشخص، وحلمي بطفل احاول أن أحميه من الغرق!

الثلاثاء، أبريل 11، 2023

 ثاني كوب من القهوة.. هدأت نفسي قليلا عن الصباح.. لا استطيع تقمص حياة بطلتي الأولى التي عانت الاجهاض وتعيش بلا أبناء وتطلب التحرر من زواج دام خمسة عشر عاما لأنها تعشق الفن وزوجها رجل مصرفي؟

هل الإجهاض هو من كسرها، أم الزوج.. الرجل.. هذا المذكر الذي خلقت من ضلعه وكانت تشتاق ملأ نفسها أن تعود لوطنها في جسده.. لكنه لم يفعل هذا بحب.. كان يفعله لنفسه لا لها.. تسير الحياة

سنوات طويلة.. فقدان للأب والأم ولذرية تأبى الوجود.. لتشعر في لحظة جنون أنها لا تريد من الحياة سوى أن تمضي ما تبقى من اربعيناتها دون رجل.. 

أخاف كثيرا من هذا الرواية التي قطعت فيها شوطا طويلا... أخافها لأنني أقدس الولادة.. وكلما ذكر الاجهاض أشعر بألم أسفل بطني.. كأنني أنا من أفقد جنينا.. مع كل حرف اتألم ألما حقيقيا.. لهذا تبقي روايتيا عالقتان في طور المسودة..

كيف أعيش وأنا اتألم كل هذا الألم مع بطلاتي؟ 

تبقي أزمتي الأخرى مع الرجل .. ربما منحني الله صبيان بطباع مختلفة جذريا عن بعضهما البعض لأري من أين تنبع صفات الرجل الأصيلة.. أشهد بتعجب كيف يعجب نديم بفتاة ليتحول حبه ندية ورغبة في سحقها رغم انه لا يتوقف عن الكلام عنها او كتابة اسمها.. لكنه يقول لي إنه مخاصمها وإنه لا يطيق النظر لها.. لم يتحدث عنها اذن؟ حين اقول له ليكن قلبك ابيضا يا نديم كهذا التيشيرت الذي ترتديه.. يجيب بمكر: لكنني أحب اللون الأسود أكثر..  عنيد هذا الفتي الناري.. لكنني وحدي من اعرف حبه الجارف الذي يخفيه بين ضلوعه .. اراه في ابتسامته الساذجة حين يلحظ فتاته هذه في فناء المدرسة.. واعرف ان تكرار اسمها علي لسانه هو بدايات تعرفه علي الحب.. لكن لماذا يترجمه كراهية؟ تفسيري الوحيد أنه الخوف.. الخوف من فقدان عنده وصلابة شخصيته.. يتلحف بلونه الأسود المفضل علي حد قوله ليواري به عذوبة مطلقة..  

يفسر لي ابنائي الكثير من أفعال الرجال..لكنني  زوج بطلتي .. المصرفي الذي لم يفكر في الانفصال أو الزواج بأخرى حين عرف باستحاله انجابه من زوجته هذه بالذات.. هذا الرجل أريد صناعته بطريقتي الخاصة.. أريد فيه كل المبررات غير المفهومة لطلاق أمات القلب.. أتعجب جدا كيف يمكن أن نحيا بقلوب مكسورة داخل بيوت من الخراسنة شديدة الصلابة.. لماذا نخشى خراب الخرسانة أكثر من خراب قلوبنا؟  

حسنا.. أعود لبطلي.. هذا الرجل الذي لا يوجد مبرر واحد منطقي قد يدفع امرأة من الطلاق منه سوى أنه  لا يشعر بها.. خمسة عشر عاما دون أن يجد طريقة خاصة يخفف بها ألم أنثاه.. دون أن يستعمل دفئه ليلملم شتات جسد انزلق بين بين ساقية طفلين ميتين .. رجل إثمه الوحيد أنه وقف في المنصف.. لم يحبها ولم يكرهها.. 

يعود ألمي من جديد .. لكنه ألم مغلف بالحيرة هذه المرة.. 

أفكر.. لم لا أكتب عن السعادة إذن؟ 

كنت فتاة رومانسية.. دائما ما كنت.. لهذا تركت مشاعري تنساب علي الورق في روايتي الأولى.. كتبت عن نفسي وبضع مقتطفات من قصص صديقاتي وحاولت أن أبدو نزيهة لكنني لم استطع.. لهذا جائت جميلة.. النزاهة لا رونق لها أمام ما يحدثه الانحياز في حياتنا من دمار..وهل الحب انحياز؟ أم نزاهة؟ الحب انحياز والزواج نزاهة.. اعتقد .... لا أعرف.. 

أنا وإن بدوت رزينة في حديثي عن الاجتماعيات وتلك العلاقات المتشابكة بين البشر وبعضهم البعض، نعم ابدو رزينة بنبرة اذاعية لا استطيع التخلص منها.. لكنني وحدي مساء بموسيقاي وقهوتي ولوحة مفاتيحي أعرف أنني مصابة باضطراب كامل في عقلي وقلبي.. كلما اقترب بي العمر من الأربعين يزداد هذا الاضطراب.. 

هل سأشفى منه لو وجدت دربا لأبطالي علي الورق؟ أحيانا أتخيل هذا.. وأحيانا أقول أن هذا قدري..

لاستسلم له..


حسنا.. للأسف استيقظت..

حاولت لساعة ونصف أن ألحق به لكنني فشلت فشلا ذريعا.. فجأة تداخل كل شئ.. تفاصيل الحقيقة الحمقاء وهي تحاول تطويع الحلم علي مقاسها.. ارهقت ذهنيا وفتحت عيني أعاني من الصداع..هذا الصداع الذي هو أقرب لثقل في جبهتي لا أنا نائمة ولا مستيقظة.. حالة أعرفها جيدا فلا يجدي حتي الكافيين فيها نفعا بل هي تمرد علي النوم والاستيقاظ والكافيين.. 

حلمت به.. حلمت وأحلم به كثيرا.. نفس الشخص بنفس الملامح.. بنفس الطول.. بنفس الملابس البيضاء.. بنفس الكر والفر.. لم أحب لعبة في حياتي أكثر من لعبة الحب .. أفهم جيدا مي زيادة حتى لو نعتوها باللعوب.. ومن منا نحن النساء ليست بلعوب؟ ربما اتجرأ يوما وأكتب هذا علنا.. ربما حين أتم الرابعة والأربعين.. عمر قلبي.. هكذا كنت اري نفسي منذ كنت في الرابعة والعشرين.. ربما وقتها تكتمل الأحجية وأقول ما تخجل منه النساء جميعا.. ربما أملك الشجاعة وقتها.. ربما..

أريد أن أؤرخ لهذا الحلم.. لم يكن حلما أبدا. فقد استيقظت ربما في الثامنة لأتعجب من كل هذا الاجهاد غير الطبيعي في جسدي كأنني كنت حقا بجسدي في هذا المكان.. كان يقف هناك ربما يلقي خطبة.. نظرت له من بعيد.. لم يرني.. وبعدها حاولت تذكر متي سيجئ.. ظهرت نتيجة معلقة علي الحائط.. يبدو أن أحدا لم يقطف أوراق الأيام التي مضت.. كنت اقطفها وانا ادعو من كل قلبي أن يكون هذا هو اليوم الذي سأراه فيه.. وكان هو اليوم.. يوم أربعاء.. فرحت فرحا جما وانتظرت في تلك الساحة او القاعة.. 

هناك فرح .. قاعة أفراح..فرح بالأسفل وأنا أيضا أنظر من شرفه او دور علوي كالقناصة.. كان هناك صراع.. محاولة فرار... ثم ظهرت امرأة أخرى.. لم تكن امرأة بل كانت فتاة ربما اعرف ملامحها من المرحلة الثانوية.. الغريب أنها كانت تربي ولدي فارس.. كنت انظر في ألبوم صور فعرفت أنها هي من كنت اضع عندها فارس لرعايته صغيرا.. وهي لم ترزق بأطفال.. 

لم أكترث لألبوم الصور.. 

حالة غريبة تسري في هذه القاعة التي مازلت اقف في شرفتها العلوية.. صراع ربما .. او ربما شعرت أنه عرف بوجودي.. كان يلتفت حوله.. الكثير من الناس... ثم رأيته يخرج من القاعة..

نزلت السلالم.. كان يقف هو في مكان بين طابقين.. وقفت خلف جدار.. كان يشعر بوجودي.. لم يقل لي هذا لكنني اعرف ما يشعر به دون كلام.. خروجه كان بحثا عني.. محاولة لاصطيادي.. كان ذكيا يعرف كيف يرسم لي طريقي كمغناطيس يجتذب برادة حديد...يكفي وجوده في مكان ليعرف أنني فيه حتى لو لم أظهر.. وقفت خلف جدار افكر هل أذهب له لاتحدث.. ام اكمل اختبائي وانظر له متلفتا حائرا.  ثم فكرت في الحلم كم سأكون حمقاء لو ظهرت فجأة و ارتميت في حضنه... لكنني في الحلم كنت حمقاء.. ما ان التفت إلي حتى خرجت من مخبئي والتصقت به..  ذهل هو كثيرا.. شعرت بصدمته لأنه لم يحطني بذراعيه..وقف مندهشا.. كنت أنا من أمسك به بكلتا يدي بقوة.. دفنت وجهي في صدره لا أقوى على النظر في وجهه خجلا حتي كدت اتوقف عن التنفس.. كنت انا من يحتاج له لا هو.. لهذا كنت سعيدة بكل أنانية!

ذبت كثيرا في هذا الحضن.. لأول مرة في حياتي كلها أتذوق السكينة.. وكأني احتضن ملاكا لا بشرا.. ملاكا مخلصا من الآلام.. ابتعدت عنه .. وقررت في الحلم أن أعيد مشهد اللقاء .. وفي كل مرة اتردد قبل الحضن وأقول لأستبدله بالحديث.. ثم أجد نفسي أحضنه.. مرارا وتكرارا.. أي سكينة أبحث عنها في الحياة وأنا أعرف أنها ستحضرني مع الموت الذي استعد له في كل ليلة؟

عاد الكر والفر..لقاءات غريبة.. أفهم جيدا وأنا أتأمل خطوط وجهي وكفي أنني لطالما عشقت الحب العذري.. لكن كلمة عذري غبية.. سأحاول أن أبحث عن مرادفا خاصا بحالتي... أحب الحب كحبي للطهي أكثر من الطعام..هذا هو.. الرائحة.. ملمس الخضر والفاكهة.. ألوانها.. تقطيعها. بل إنني اشتري الماشروم والافوكادو فقط لأنتشي من غرس السكين فيهم.. ربما هذا الملمس الغريب.. أحبه..

وأحب غرس أناملي في حبوب القهوة.. حب اكتشفته علي كبر.. لكنه فتح داخلي بداية شعور غريب.. كما أحب المشي علي الحشائش.. أطرافي هي قرون استشعار أكثر منها أطراف.. ربما أنا كذلك.. وكذلك الحب في نظري.. 

والحب كان ومازال في نظري هو حضن.. أو لنستخدم تركيبة لغوية أخرى.. هو احتضان..ربما.. ويجب ألا نأخذ الحضن لأبعد من هذا.. لو أخذناه فنحن لا نحب هذا الشريك.. الحضن ليس مقدمة.. الحضن نهاية.. هكذا كانتهاء الروايات بقبلة بين البطل والبطلة.. لكن الصحيح أن يكون الحضن.. التحام جسدين دون إثارة.. بل تبدو الاثارة لي فعلا مقززا لو حضرت في حضور الحب..

لا اذكر سيئا من الحلم سوي الكر والفر.. سوي السكينة.. سوي المجهول.. ثم يبدو أن جريمة قد وقعت.. جريمة شنعاء.. قتل شخص.. فحلق القلق علي المكان.. ثم ظهر أنني ابحث عن منزل بواجهة زجاجية يطل علي المحيط.. 

كنت سعيدة وخائفة.. 

ربما اكمل مساء بعد أن اشرب قهوتي السوداء.. وربما اعود لرشدي.. وربما أجن أكثر.. وربما تنفرط الكلمات في روايتي المفتوحتين في رابطين أعلى شاشتي.. وربما اشرب الكاموميل وأنام.. وربما لا أعود أبدا

 استيقظت منذ قليل كمن كان في حياة أخرى..حياة حقيقية بكل معنى الكلمة. شخوصها..حديثها..حماسها.. الجرائم.. اللهث. وهذا الحضن الذي أشعر به يذيب قلبي حتي كتابة هذه الكلمات. الغريب أنتي تمكنت في الحلم أن أعيد مشهد الحضن كمن يعيد مشهدا في فيديو..وفي كل مرة اذوب فيه أكثر من اول مرة. 

هل الأحلام نعمة؟ هي نعمة قطعا. قطعا نعمة... هي الحياة التي نهرب بها من السلبيات الطفيفة في واقعنا. نعم نحب واقعنا لكن الأحلام هي مكان العشق. هي مكان دقات القلب الحارقة. هو ماكن لأشياء لن ولم نفعلها ما حيينا..وكأنه الله يمنحنا فوق الحياة حياة. وفوق الحب حبا. وفوق الأمل مخزنا من الآمال المحققة نتثائب بين جنباته كما نشاء ..

لا أعرف إن كنت سأتمكن من القيام من فراشي طوال النهار أصلا أم أظل هكذا متشبثة برائحة الحب 


الثلاثاء، مارس 07، 2023





 اشتاق لمدونتي القديمة اشتياقا كاسحا.. حاولت بكل ما املك من فهم أن أتذكر كلمة السر الخاصة بايميلي القديم فبائت كل محاولاتي بالفشل.. ويبدو أنني مسحت كل آثار هذه المدونة فلم أعد أذكر أي شئ عنها، ولأنني أملك عادة غير مفهومة في احراق بعض الاوراق فيبدو أنني تخلصت من معظم ما كتبته فيها.. أشعر بالندم الشديد.. رغم كل الأوراق التي مازلت أملكها لكن ندمي لا يضاهيه ندم علي ما فقدت من كتابات.. لماذا أمحي الآثار بهذه القسوة؟



السبت، مارس 04، 2023




 عشت أمس حالة من الشجن، شجن غاب عني طويلا وعاد أمس بزي قرمزي وأوراق تفوق العشرين عاما..

كيف يحفظ القلب أول خفقة كل هذا الزمن؟

لست من عشاق الأسى، بل أنا سيدته..

اتذكر غرفتي في بيت أمي والتي تحولت لغرفة صالون فخمة عقب زواجي، وقعت في اكتئاب شديد، كنت ازورها انا واحمد بعد زواجنا ونفتح الأدراج ونتأمل مقتنيات العزوبية و كثيرا ما جرفنا الجنون وفجأة وبلا مقدمات هدمت معالمها وأخذت معها تاريخي، مكتبي -الذي مازلت احتفظ به وأكتب عليه الآن- كان له شكل آخر في حجرتي، قصاصاتي التي مازلت احفظها كاملة، رسوماتي، كتبي ومذكراتي وقصاصاتي بين الكتب احتفظت بها كاملة، أشياء لا يتخيل إنسان أنني مازلت أملكها، لكنني حافظت عليها، هي أنا.. هي قلبي وذاكرتي وذكراي.. مر  زمن طويل.. طويل جدا لكني مشاعري كلعبة اليويو، ما تلبث أن تغادر بعيدا وسريعا حتى ترتد بقوة للوراء.. أخذت وقتا طويلا لأفهم طبيعتي وأتقبلها، فأنا طيلة حياتي كنت شديدة الحساسية والرومانسية لكنني كنت أيضا شديدة الخجل، كنت اخجل من كوني فتاة ومكثت فترة أخجل من كوني امرأة.. ولهذا دائما ما كنت اتوارى خلف الأمور التي أعرفها والأشخاص الذين يعرفونني..أعود للزمن واتسائل كيف استطاع أحمد التسلل لقلبي؟ هل هو السر الخفي بين الحوت والعذراء حقا كما تقول الأساطير؟ لم يكن رومانسيا كما توقعت بل كان شديد الواقعية، لم أر دموعه يوما.. لكن عينيه ناعسة ويملك رموشا طويلة تحافظ علي مسافة آمنة بينه وبين الآخرين.. أعرف تفانيه في عمله، وأعرف أن رجلا بثقافته وعلمه وعمله المثير للتوتر والعدوى يحتاج لبيت هادئ وحياة مستقرة وهو ما ابذل كل ما في وسعي لفعله.. لكن ماذا عن جنوني أنا؟ 

أعرف أنني أهواه لأنه الشخص الوحيد في العالم الذي يطمئن روحي المضطربة

ولكن ماذا عن جنوني أنا؟ أتسائل كثيرا وأجلس أنظر لكل السيدات حولي وأنا أمارس أمومتي بكل اتقان، الطعام المنزلي والتدريبات، المرح، القصص المسائية، ولكن ماذا عن جنوني أنا؟

كتبت أولى رواياتي وأنا في الصف الثاني الثانوي، كانت طويلة ومليئة بالأحداث والشخوص والحوار، كنت مفعمة بعاطفة مراهقتي الناعمة، كتبتها بخط يدي، ثم صورتها فكانت كبيرة جدا كمجلد.. واليوم اتسائل لم أحب هذا الفيديو لهذه المقطوعة، هذا الفيديو بالذات، أنامل هذا الرجل..  يبدو أنه يعرف ماذا بفعل جيدا.. كنت أتخيل كتابة الروايات بخط اليد قديما كالحياكة.. فعل الحياكة يحتاج صبرا وتأني.. واليوم أدرك أنني أحب هذه المقطوعة المتناسقة شبه الحزينة وشبه السعيدة، معزوفة بأنامل هذا الغريب لأنها تشبه فعل الكتابة الحديثة.. نقر علي لوحة من الحروف. لم يعد الأمر يحاك بل أصبح يعزف.. وأنا أعرف المعزوفة البارعة من الرديئة لأنني أستطيع الاستماع للكلمات قبل أن تلمحها عيني..

اشرب القهوة السوداء واستمع إليه وأحيانا حين يبدو يومي مزدحما وثقيلا، اعتزل الصبية وأنا أتفرج علي الموسيقى..

ذهبت مع أحمد لحفل لعمر خيرت قبل سنوات بكيت كثيرا ولم أفكر في تكرار التجربة.. بدى لي الاستماع للموسيقى فعلا حميميا لا يليق بالعلن.. خجلت كثيرا وبدت صورتي مع رفيقتي وزوجها اللذان رافقانا- وثلاثتهم مبتسمون احمد والزوجان-  بدت عيني دامعة وابتسامتي مرتجفة!

اليوم كان رائقا بعض الشئ، عاد فارس للحضانة بعد انقطاع من أول يناير، وانتظر ان يستأنف نديم مدرسته، حياتي الجديدة بلا عمل نظامي تبدو هادئة لكنها مكدسة، فمن الصعب أن أقوم بدور الأم والأب في نفس الوقت لكن مع غياب زوجي المستمر أصبحت أتقن الاعتناء وأبحث بنفس صابرة عن وقتي الخاص، الحقيقة التي لا أنكرها أنني أحب الاختلاء بنفسي كثيرا لا أحب ولا أأنس لسواها.. يبدو أنني كنت طفلة ومراهقة عجيبة الطباع، لا اتخيل كل هذه القصاصات.. كم هائل من الأوراق، تذاكر قطار، دفاتر عليها صور سنوبي ودببة وأخرى أكثر جدية بأسلاك وأغلفة متينة.. الكثير من الدفاتر تبدأ أوراقها بكلمات منمقة وسطور منتظمة ثم تبدأ العشوائية، خواطر مترامية اكتبها بكلمات قصيرة  متتالية كالشعر، عيون وحواجب كثيرة ، أسهم ومربعات متداخلة.. ارقام هواتف وأسماء، اسئلة لضيوفي وتحضيرات لقاءات صحفية، تداخلت حياتي على الورق .. وبعد كل هذه السنوات وأنا أعيد قراءة اوراقي أعتقد بشدة أنني أرخت لنفسي ومشاعري دون أن أدرك فانطبعت نفسي علي الورق كنسخة كربونية.. فأري في اوراقي انثى شديدة الحساسية وصحفية مثابرة وامرأة مجروحة ثم تبدأ هذه المرأة في فهم نفسها بإشارات غامضة، وبضع آثار أعرفها جيدا لدمعات نافرة، وطبعات من قاع فناجين القهوة التي كنت اعشق وضعها فوق الورق!

انظر لأولادي وزوجي ولا أعرف لأي سبب حباني الله بهذه النعم؟ اتسائل هل أستحق كل هذه الهبات السماوية.. لا

لا أعتقد أنني أستحق، إنه كرم الله المطلق، أحصي شعيراتي البيضاء بحب، اشرب قهوتي واتعهد الحفاظ علي مكتبي بقية العمر، وأعرف أن قلبي الذي يفيض بحب لم يتوقف حتى اليوم، هو أكبر هباته لي...

لكنني مازلت اتسائل وأنا بهذا العمر.. وبعد كل هذه السنين.. ماذا عن جنوني أنا؟ 

كتبت هذه المقطوعة قبل أسبوع تقريبا ولا ادري سببا لنشرها الآن، ربما رغبة في رمي حجر في مدونتي الراكدة.. وربما الملل! لا اعرف

الجمعة، يناير 27، 2023

جود الحياة

 اظن انه حان الوقت لأكتب عن أجمل شئ حصل في حياتي كلها .. أن يمنحني الله فتاة!  جود اسميتها جود، لأنها كرم كبير من الله، ولأنني استحضرت اسمها...