حسنا.. للأسف استيقظت..
حاولت لساعة ونصف أن ألحق به لكنني فشلت فشلا ذريعا.. فجأة تداخل كل شئ.. تفاصيل الحقيقة الحمقاء وهي تحاول تطويع الحلم علي مقاسها.. ارهقت ذهنيا وفتحت عيني أعاني من الصداع..هذا الصداع الذي هو أقرب لثقل في جبهتي لا أنا نائمة ولا مستيقظة.. حالة أعرفها جيدا فلا يجدي حتي الكافيين فيها نفعا بل هي تمرد علي النوم والاستيقاظ والكافيين..
حلمت به.. حلمت وأحلم به كثيرا.. نفس الشخص بنفس الملامح.. بنفس الطول.. بنفس الملابس البيضاء.. بنفس الكر والفر.. لم أحب لعبة في حياتي أكثر من لعبة الحب .. أفهم جيدا مي زيادة حتى لو نعتوها باللعوب.. ومن منا نحن النساء ليست بلعوب؟ ربما اتجرأ يوما وأكتب هذا علنا.. ربما حين أتم الرابعة والأربعين.. عمر قلبي.. هكذا كنت اري نفسي منذ كنت في الرابعة والعشرين.. ربما وقتها تكتمل الأحجية وأقول ما تخجل منه النساء جميعا.. ربما أملك الشجاعة وقتها.. ربما..
أريد أن أؤرخ لهذا الحلم.. لم يكن حلما أبدا. فقد استيقظت ربما في الثامنة لأتعجب من كل هذا الاجهاد غير الطبيعي في جسدي كأنني كنت حقا بجسدي في هذا المكان.. كان يقف هناك ربما يلقي خطبة.. نظرت له من بعيد.. لم يرني.. وبعدها حاولت تذكر متي سيجئ.. ظهرت نتيجة معلقة علي الحائط.. يبدو أن أحدا لم يقطف أوراق الأيام التي مضت.. كنت اقطفها وانا ادعو من كل قلبي أن يكون هذا هو اليوم الذي سأراه فيه.. وكان هو اليوم.. يوم أربعاء.. فرحت فرحا جما وانتظرت في تلك الساحة او القاعة..
هناك فرح .. قاعة أفراح..فرح بالأسفل وأنا أيضا أنظر من شرفه او دور علوي كالقناصة.. كان هناك صراع.. محاولة فرار... ثم ظهرت امرأة أخرى.. لم تكن امرأة بل كانت فتاة ربما اعرف ملامحها من المرحلة الثانوية.. الغريب أنها كانت تربي ولدي فارس.. كنت انظر في ألبوم صور فعرفت أنها هي من كنت اضع عندها فارس لرعايته صغيرا.. وهي لم ترزق بأطفال..
لم أكترث لألبوم الصور..
حالة غريبة تسري في هذه القاعة التي مازلت اقف في شرفتها العلوية.. صراع ربما .. او ربما شعرت أنه عرف بوجودي.. كان يلتفت حوله.. الكثير من الناس... ثم رأيته يخرج من القاعة..
نزلت السلالم.. كان يقف هو في مكان بين طابقين.. وقفت خلف جدار.. كان يشعر بوجودي.. لم يقل لي هذا لكنني اعرف ما يشعر به دون كلام.. خروجه كان بحثا عني.. محاولة لاصطيادي.. كان ذكيا يعرف كيف يرسم لي طريقي كمغناطيس يجتذب برادة حديد...يكفي وجوده في مكان ليعرف أنني فيه حتى لو لم أظهر.. وقفت خلف جدار افكر هل أذهب له لاتحدث.. ام اكمل اختبائي وانظر له متلفتا حائرا. ثم فكرت في الحلم كم سأكون حمقاء لو ظهرت فجأة و ارتميت في حضنه... لكنني في الحلم كنت حمقاء.. ما ان التفت إلي حتى خرجت من مخبئي والتصقت به.. ذهل هو كثيرا.. شعرت بصدمته لأنه لم يحطني بذراعيه..وقف مندهشا.. كنت أنا من أمسك به بكلتا يدي بقوة.. دفنت وجهي في صدره لا أقوى على النظر في وجهه خجلا حتي كدت اتوقف عن التنفس.. كنت انا من يحتاج له لا هو.. لهذا كنت سعيدة بكل أنانية!
ذبت كثيرا في هذا الحضن.. لأول مرة في حياتي كلها أتذوق السكينة.. وكأني احتضن ملاكا لا بشرا.. ملاكا مخلصا من الآلام.. ابتعدت عنه .. وقررت في الحلم أن أعيد مشهد اللقاء .. وفي كل مرة اتردد قبل الحضن وأقول لأستبدله بالحديث.. ثم أجد نفسي أحضنه.. مرارا وتكرارا.. أي سكينة أبحث عنها في الحياة وأنا أعرف أنها ستحضرني مع الموت الذي استعد له في كل ليلة؟
عاد الكر والفر..لقاءات غريبة.. أفهم جيدا وأنا أتأمل خطوط وجهي وكفي أنني لطالما عشقت الحب العذري.. لكن كلمة عذري غبية.. سأحاول أن أبحث عن مرادفا خاصا بحالتي... أحب الحب كحبي للطهي أكثر من الطعام..هذا هو.. الرائحة.. ملمس الخضر والفاكهة.. ألوانها.. تقطيعها. بل إنني اشتري الماشروم والافوكادو فقط لأنتشي من غرس السكين فيهم.. ربما هذا الملمس الغريب.. أحبه..
وأحب غرس أناملي في حبوب القهوة.. حب اكتشفته علي كبر.. لكنه فتح داخلي بداية شعور غريب.. كما أحب المشي علي الحشائش.. أطرافي هي قرون استشعار أكثر منها أطراف.. ربما أنا كذلك.. وكذلك الحب في نظري..
والحب كان ومازال في نظري هو حضن.. أو لنستخدم تركيبة لغوية أخرى.. هو احتضان..ربما.. ويجب ألا نأخذ الحضن لأبعد من هذا.. لو أخذناه فنحن لا نحب هذا الشريك.. الحضن ليس مقدمة.. الحضن نهاية.. هكذا كانتهاء الروايات بقبلة بين البطل والبطلة.. لكن الصحيح أن يكون الحضن.. التحام جسدين دون إثارة.. بل تبدو الاثارة لي فعلا مقززا لو حضرت في حضور الحب..
لا اذكر سيئا من الحلم سوي الكر والفر.. سوي السكينة.. سوي المجهول.. ثم يبدو أن جريمة قد وقعت.. جريمة شنعاء.. قتل شخص.. فحلق القلق علي المكان.. ثم ظهر أنني ابحث عن منزل بواجهة زجاجية يطل علي المحيط..
كنت سعيدة وخائفة..
ربما اكمل مساء بعد أن اشرب قهوتي السوداء.. وربما اعود لرشدي.. وربما أجن أكثر.. وربما تنفرط الكلمات في روايتي المفتوحتين في رابطين أعلى شاشتي.. وربما اشرب الكاموميل وأنام.. وربما لا أعود أبدا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق