هل هذا هو الموت؟
تفتح ذهني تدريجيا كانقشاع معالم الطريق وسط ضباب الصباح.. شعرت ببرودة في اطرافي.. يديَ وقدميَ.. صدري أيضا بارد كلوح ثلج.. مددت يدي لأتحسسه لكنها لم تبرح مكانها..
حاولت بيدي الأخرى دون جدوى..
انزلت رأسي لأسفل في محاولة لأري يدي نفسها لكنني لم استطع تحريك رأسي..
حالة من السكون المريب اجتاحت جسدي فبات كلوح من الرخام .. صامت كالقبر، بارد.. بارد بشدة.. ثقيل كثقل الليل علي قلب مهموم..
لم يكن هناك أي شيء يتحرك فيّ إلا من عينيّ الاثنين فقط..
حتى نفسي بات غريبا.. لم أكن أتنفس كما اعتدت، لم استنشق ولم ازفر.. لكن يبدو أن شيءا سحريا مازال يربطني بالحياة غير الهواء!
كنت أجلس علي متمددا علي أريكتي الحمراء أمام التلفزيون منذ أمس.. استرجعت ذاكرتي ملامح الأمس .. عدت الى المنزل ارتديت منامتي وتناولت الغذاء ثم صنعت طبقا صغيرا من الفشار تناولته أمام التلفزيون ويبدو أنني غفوت قليلا لأستيقظ في هذه الحالة..
لقد تحولت لتمثال!
تمثال..
بات الخاطر مفزعا.. لكنه حقيقة.. بأقصى ما استطيع التقطت عيني أماكن في جسدي. صدري الثابت الذي لا يعلو ويهبط لأنني لا اتنفس.. قدمي تطل من بعيد باردة وثابته كالحجارة..
إنني تمثال!
لا أعرف أي سحر ضرب المنزل أمس لكن لم يحدث أي غريب أسبح بحمده.. روتيني المعتاد الذي لم يغادرني لخمس سنوات..
إنه عقاب إذن.. لقد وقع بي عقاب من السماء..
أن أتحول لتمثال صخري ثابت.. لا أمل أن أفعل أي شيء بجسد من الصخر سوى أن يتأمله الآخرون..ليتني غفوت أمس في متحف اللوفر أو في المتحف المصري بجوار اخناتون.. لبتت تحفة فنية في منامتي وسط أجدادي وبعض أبناء العم
كنت أعتقد انني متصالح مع جسدي في الماضي.. بل يمكن القول انني معتد به.. لكن ها هو ثابت كالصخر يبدو قبيحا.. مزريا.. ثقيلا
يبدو أن هناك بشر خلقوا ليعيشوا بمفردهم وأنا منهم.. لم أحب يوما المشاركة ولا اعتقد أنه بعد أن يفك كربي سأحتاجها .. من سيقبل جسدا بهذا القبح شريكا له في الفراش.. بل من سيقل رجل يتحول بلا سبب الى تمثال مصمت!
هل تصلبت معدتي أيضا؟ قلبي.. من أين استمد الحياة وأنا افكر الآن؟
لوهلة تخيلت أن كل ما أنا فيه حلو وسأفيق منه.. لكن صوت ساعي البريد وصوت هاتفي المستمر وتحرك الشمس لساعات بالخارج جعلوني علي يقين أنني بالفعل تحولت لتمثال صخري..
قررت النوم.. فلربما تحل عقدتي ..ولربما يصبح ألتقي الموت فأنعم بالحياة في الاخرة!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق