ماذا تفعل بي القهوة وانعدام النوم؟
يفتحان كل ما حاولت عمري كله إغلاقه.. كأن مقاومتي تنهار فأصبح كالمترنحين.. أقضي نهاري كله بنظارتي الشمسية اتسكع واكتب في بضع مقاهي تجاور المنزل .. ثم أعود للمنزل لأصلي واغير ملابسي واذهب لاستقبل الأطفال فأبدو كإنسانة أخرى. أنا أصلا لم أقتنع يوما أنني بشخصية واحدة.. أطإن شكلي الذي أراه في المرآه يختلف تماما عن الشكل الذي أعرفه عن نفسي.. جسدي الذي اتحسسه بيدي يخلف عن هذا الجسد الذي أراه في المرآه.. حتى صوتي .. صوتي الذي أكرهه وأخجل منه كثيرا.. صوتي الذي أسمعه في خواطي غير هذا الصوت المريب الذي اتحدث به..
التقطت هذه الصورة قبل دقائق.. وقبل أن اكمل النص، أحاول اقتناص لحظات من الأيام الروتينية لأفعل فيها ما أحبه وأجيده..
الكتابة!
أكتب بالمجانين..أفتح ألف مسودة.. هنا وهناك.. وحتي في مفكرة صغيرة أحملها في حقيبتي .. اكتب كثيرا كأنني أداوي قلبي بالحروف.. وهل سيداوي؟
ولكن وحتى لو كنت اعود تدريجيا للياقتي فسأبقي كاذبة.. نعم هذه حقيقة واضحة وجلية.. " أنا أمرأة كاذبة"
وحتى لو مكثت عمري كله أكتب كل يوم ألف صفحة.. فسأبقي كاذبة..
لا حرج أن أسلافي من الكاتبات تواروا خلف أسماء الرجال قبل أن ينشروا أعمالهم.. لا خوفا من الرجال.. ولا خوفا من المجتمع.. بل خوفا من أنفسهم أن تفتح لهم الجرأة بابا ليهدموا به حياتهم راسا علي عقب.. لم يكونوا مستعدين لهذا التطور بعد..
وياللسخرية.. أن نكون نحن .. وبعد مئات السنين .. بنفس الخوف والجبن!
عشت عمري كله يعتقد الجميع في كذبا أنني فتاة قوية.. وامرأة قوية.. وأم قوية.. وزوجة قوية..
ولكن..
ها أنا ذا..
أجلس صباحا اشرب القهوة مرة وأشعر برغبة عارمة في البكاء ولا أخلع نظارتي الشمسية رغم خفوت ضوء الشمس في المقهى.. فلم تغمض عيني أمس وصرت أتقلب بين أحلام اليقظة كالمحموم
ورغم هذا الوجع الثقيل الذي أحمله في قلبي والذي يفيض في لحظات انفرادي بنفسي
لكنني أحب صحبة نفسي كثيرا.. أحب صحبة أمنية الحقيقية بأحلامها ومشاعرها وغباءها وحماقتها وحديثها البطئ المرتجل ..
مازلت أحبك يا فتاة .. ولن أمل من مرافقتك كل صباح لشرب القهوة المرة.. واسترجاع الأحلام!

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق