الأربعاء، أكتوبر 26، 2022

 ماذا تفعل المسافات؟ 

تميت؟

أم تزيد؟

تقول له متأملة اللاشئ خارج نافذة الحجرة

لا يجيب كعادته

تلتفت له غير متعجبة من صمته.. تتأمله لبرهة وهو يجلس مائلا علي الأريكة ، تفكر أن تكرر السؤال لكنها تمل ..

تماما كملله من أسئلتها وفلسفتها لا تلومه ولن تفعل .. قليلون هم من يطيقون العيش بجانب امرأة مثلها.

تذهب إلى المطبخ لتصنع شيئا تشربه، تفكر في شرب القهوة علي سبيل التجديد هكنها تنفر حتى من رائحتها النفاذة.. فتقرر أن تصنع قدحا من الكاموميل لتنام.

لديها روتين قبل النوم رغم كراهيتها لفكرة الروتين في حد ذاتها، لكن في المساء تشعر بشئ من السكينة في كونها امرأة، فتبدأ فهي تحب بتدليك قدميها بأداة خشبية تشبه مقبض الباب، بها خمس دوائر بنتوئات صغيرة..تضع قديمها علي الأرض وتحركهما فوق هذه الأداة فتشعر بحالة من التحرر والإثارة

تضع مرطب شفاة وتخبئ شعرها بحرص أسفل منديل صغير من الحرير اشترته خصيصا لتحمي شعرها من الوسادات القطنية، ثم تضع كريما برائحة الساكورا الذي يكرهه كثيرا وتحبه هي حبا جما..

من يرى روتينها الليلي يستشعر فيها خيطا أنثويا لا ينضب، والحقيقة أنها كانت كذلك لكن هذا ما تبقي منها ، كفرشاة يزيح بها منقبو الآثار ما وجدوه مدفونا تحت التراب..لكن هل تعيد الكريمات والمرطبات ما فقده القلب من الشغف والحب؟ ما فقده الجسد أمام سطوة الأيام؟

الثلاثاء، أكتوبر 18، 2022

 يجب أن آخذ التدوين هنا علي محمل الجد.. حقا.. قرأت مقالا اليوم هزني من الأعماق سأضع الرابط لأعود إليه كل فترة

تقول كاتبة لا أعرفها اسمها كيت فولك "أن تكون كاتبا يعني أن تقاتل دائما لتجد وقتا للكتابة" المضحك في الأمر أن هذا ما اكتشفته حديثا .. شهر ربما أو أكثر حين توقفت عن الشكوى وأن أدبدب في الأرض بقدمي تذمرا من مهامي اليومية المثقلة وعدم وجود وقت لنفسي، توقفت عن الاعتقاد أنني ضحية كل الظروف السيئة التي وضعت بها قهرا.. توقفت عن التذمر كلاما أصلا حتى بيني وبين نفسي وبدأت أفكر بجدية كيف أجد الوقت؟ وقبل أن أجده.. وجدني

استيقظت باكرا جدا ي أحد الأيام كان الرابع من سبتمبر الماضي علي ما أذكر .. استيقظت في السابعة ارتديت ملابسي دون تفكير وخرجت للتريض ربع ساعة.. كانت أكثر ربع ساعة مؤلمة في حياتي بعد توقف لسنوات طويلة عن ممارسة الرياضة شعرت بآلام شددية في قصبة قدماي لكنني قرت من وقتها أن أضع في روتين يومي مهام معينة وأفعلها دون تفكير.. اكتشفت أن التفكير هو اكثر شئ يؤلمني في الحياة وهو ما يعطلني عن التقدم والحركة.. وكان تحويل الأمور اليومية لمهام اشطبها من قائمتي طوال اليوم مفيدا ومثمرا..

تريضت لفترة بشكل يومي ثم تراجعت استمراريتي وان زاد معدل ممارستي في المرة الواحدة وهو أمر أحسبه حميدا.. 

في الثلاثين من سبتمبر اعلنوا اغلاق الاذاعة التي اعمل بها، وهو قرار وإن وضع غمامة سوداء علي وجوه كل رفاقي وبدت الحيرة في ملامحهم جميعا النساء قبل الرجال، فقد أزال هذا القرار عن صدري ثقل خطوة كنت مترددة جدا في أخذها.. وها هي تأتي منهم قبل أن تأتي مني ..

لم تكن بي بي سي أبدا ببيئة العمل التي اطمح أن أعمل بها، كانت محيطا ساما بكل أفراده وقيمه.. المشكلة هنا هي نفس مشكلة الحياة بشكل عام، أن تعمل في مكان أو تتعامل مع شخص تعتقد أنه الأروع لتكتشف أنه سام.. كنت دائما ما أحب التعامل مع الناس الفجة، علي الأقل باطنهم مثل ظاهرهم، لا خداع ولا مكر.. وأنا أكثر ما أكرهه هو المكر والخداع..

لكنني استمريت.. استمريت لأنني كنت بحاجة للانضباط اي الاستيقاظ باكرا لخاطر الأطفال .. الانضباط في أن أكون أكثر قوة في المواجهة وفي التعامل مع أشخاص ربما لن أقابلهم سوى في هذه الأماكن المغلقة الكئيبة.. لم أنجح بنسبة كبيرة لكنني تعلمت الكثير من اساليب التضييق والتكدير والمحاباة والكذب والتلفيق علي الأقل فهمت ما يجري حولي..

كنت أعرف منذ فترة طويلة جدا أن هذا المكان في طريقه للزوال ليس صعبا التكهن وسط تخبط ورجعية وقدم شديد في الأدوات والتفكير.. لكنني اليوم أعود للمرة الألف في مواجهة نفسي بحقيقة كل الكذب الذي أعيشه وأتوهمه.. قفز البعض لقنوات محلية وهو قرار محمود لأشخاص يرون أنفسهم جليا في العمل المكتبي والوظيفي وأقف الآن بخطوة للأمام وخطوة للخلف اتسائل هل سأكمل كذبي؟

هل سأكرر أخطاء عشر سنوات من حياتي؟ 

لن أفعل .. 

لن استمر في العمل المكتبي والوظيفي لو انطبقت السماء علي الأرض، حتى لو كان بداخلي ألف شك وألف سكين يطعن في حقيقتي ككاتبة، وحتى لو انطفأ الأمل في قلبي وتلاشت حرارة الحب الذي يبقيني حية، حتى لو سأمسك القلم وأكتب كجثة باردة متحجرة.. مازال بداخلي خيط حريري يقول لي إنني لن أحيا حياة حقيقية إلا لو استمريت في الكتابة.. إن قوتي الحقيقية تتجلى حين أقول ما أود قوله بالطريقة التي أود قولها بها..سيكون اختبارا صعبا، ألا أقفز مع الآخرين لألحق بركب النجاح الوظيفي الوهمي، والتفت لحقيقة عمري وابدأ من جيد.. سيكون اختبار العمر.. لو كنت قوية كفاية لأجد الوقت والجرأة لأقول كل شئ

الحمدلله أنني توقفت ممؤخرا عن ارهاصات التذمر، أصبح عقلي يعمل بطريقة أفضل وأصبحت الأفكار أكثر حدة مع اتباع حمية الصيام كنت أعرف أن الأكل العاطفي يقتل روحي ببطئ ولم أتخيل لحظة أنني سأتمكن بمفردي من مجابهة سطوته.. لكنني فعلت..كما استطعت تحمل المخاض مرتين وكما استطعت تحمل تنشئة طفلين بمفردي وكما استطعت تحمل كل تعقيدات حياتي وطبيعة زوجي المستعصية، وكما استطعت ايقاف الاساءة عندي، وكما منعت نفسي من الانغماس في بيئات لا تشبهني ولا اشبها، وكما استطعت أن أكون أنا وسط مسوخ متراصة أعتقد سيكون سهلا المضي في ازالة طبقات الجير الكلسية عن روحي وعقلي .. الاستمرار

الاستمرار هو سر الكون.. هو السر الأوحد الذي يجب أن أركز عليه لأصل 

كل ما علي فعله هو أن اترك استمرار مفروضا بحجم العمل المؤسسي وأن أجد وسيلة أحيي فيها لااستمرار كعادة وكفضيلة نابعة من اعماقي

الاثنين، أكتوبر 03، 2022

 



ماذا تفعل بي القهوة وانعدام النوم؟

يفتحان كل ما حاولت عمري كله إغلاقه.. كأن مقاومتي تنهار فأصبح كالمترنحين.. أقضي نهاري كله بنظارتي الشمسية اتسكع واكتب في بضع مقاهي تجاور المنزل .. ثم أعود للمنزل لأصلي واغير ملابسي واذهب لاستقبل الأطفال فأبدو كإنسانة أخرى. أنا أصلا لم أقتنع يوما أنني بشخصية واحدة.. أطإن شكلي الذي أراه في المرآه يختلف تماما عن الشكل الذي أعرفه عن نفسي..  جسدي الذي اتحسسه بيدي يخلف عن هذا الجسد الذي أراه في المرآه.. حتى صوتي .. صوتي الذي أكرهه وأخجل منه كثيرا.. صوتي الذي أسمعه في خواطي غير هذا الصوت المريب الذي اتحدث به..

التقطت هذه الصورة قبل دقائق.. وقبل أن اكمل النص، أحاول اقتناص لحظات من الأيام الروتينية لأفعل فيها ما أحبه وأجيده..

الكتابة!

أكتب بالمجانين..أفتح ألف مسودة.. هنا وهناك.. وحتي في مفكرة صغيرة أحملها في حقيبتي .. اكتب كثيرا كأنني أداوي قلبي بالحروف.. وهل سيداوي؟

ولكن وحتى لو كنت اعود تدريجيا للياقتي فسأبقي كاذبة.. نعم هذه حقيقة واضحة وجلية.. " أنا أمرأة كاذبة" 

وحتى لو مكثت عمري كله أكتب كل يوم ألف صفحة.. فسأبقي كاذبة.. 

لا حرج أن أسلافي من الكاتبات تواروا خلف أسماء الرجال قبل أن ينشروا أعمالهم.. لا خوفا من الرجال.. ولا خوفا من المجتمع.. بل خوفا من أنفسهم أن تفتح لهم الجرأة بابا ليهدموا به حياتهم راسا علي عقب.. لم يكونوا مستعدين لهذا التطور بعد..

وياللسخرية.. أن نكون نحن .. وبعد مئات السنين .. بنفس الخوف والجبن! 

عشت عمري كله يعتقد الجميع في كذبا أنني فتاة قوية.. وامرأة قوية.. وأم قوية.. وزوجة قوية.. 

ولكن..

ها أنا ذا..

أجلس صباحا اشرب القهوة مرة وأشعر برغبة عارمة في البكاء ولا أخلع نظارتي الشمسية رغم خفوت ضوء الشمس في المقهى.. فلم تغمض عيني أمس وصرت أتقلب بين أحلام اليقظة كالمحموم 

ورغم هذا الوجع الثقيل الذي أحمله في قلبي والذي يفيض في لحظات انفرادي بنفسي 

لكنني أحب صحبة نفسي كثيرا.. أحب صحبة أمنية الحقيقية بأحلامها ومشاعرها وغباءها وحماقتها وحديثها البطئ المرتجل .. 

مازلت أحبك يا فتاة .. ولن أمل من مرافقتك كل صباح لشرب القهوة المرة.. واسترجاع الأحلام!

جود الحياة

 اظن انه حان الوقت لأكتب عن أجمل شئ حصل في حياتي كلها .. أن يمنحني الله فتاة!  جود اسميتها جود، لأنها كرم كبير من الله، ولأنني استحضرت اسمها...