لم احب يوما ان اظهر في صورة الضحية، هذه الصورة مثيرة للاشمئزاز في مخيلتي، اعتدت الوقاحة فترة من عمري ثم انتهجj من الصمت منهجا قويا للاستمرار، كان نافعا جدا لاني اعتزلت البشر فترة ليست بالقصيرة، لكن اليوم انا ضعيفة فوق ما أتخيل.. هشة كقطعة دوناتس
تذيبني التشيلو، ابكي كثير، أتناول العقاقير بجنون، اضع المكياج في المنزل، احاول ان الملم شتات نفسي لكن خواطر كالنيازك تمر حارقة كل افكاري ومشاعري، يبدو انني لم اعرف نفسي ابدا.
وقفت اليوم امام المرآة في المساء.. بدا مظهري غريبا جدا جدا.
هالات سوداء من سهري الطويل ليلة أمس دون الحصول علي قدر كاف من النوم.. لم تعد القهوة تجدي أي نفع، قد اصبح مدخنة في يوم من الايام، احتاج ان استيقظ، تشعلني الأفكار بجنون فتتقد عيني، لكن الأفكار افقدها بسبب إرهاق عقلي الدائم.. شعري قصصته بيدي للمرة الاولي قبل يوميا دون ان اذرف دمعه..فقد جسدي كل ملامحه كأنني استعير جسد امرأة اخري ليست أنا!
كل ما أملكه رغبته بشدة وحصلت عليه، لكن الحفاظ على ارثك في الحياة أمر مرهق وشاق، خاصة لو كن هذا الارث روحين نضرتين كولدي.. لا اتوقف عن التفكير فيهما، أتخيلهما رجلين يافعين جميلي الطلة والروح، احاول بكل ما املك من وقت وجهد ان اجعل طفولتهما سعيدة مهما انهكني التعب، نلعب ونأكل ونمارس الجنون بكل حب..
أعشقهما بجنون كما لم اعشق من قبل حتي انني حين يناما اتصفح صورهما وابكي..
اعرف كل تفصيلة في وجهيهما وجسدهما، خطوط الأنف والذقن ونغزتي الشفاه التي ورثاها مني، ضحكتهما، تشابههما واختلافهما، اغرق وانا ادون لهما مذكرات عن ايام طفولتهما و أحاول ان ان اكون عادلة ومنصفة ومحبة وعاشقة، علها تكون الذكرى الوحيدة الباقية لهما مني في يوم من الايام..
اعشق نديم حين يقول لي:" بحبك اوي يا ماما" اذوب عشقا في صوته وحضنه الذي علي قدر صغره فهو يسعني ما حييت..
اعلم نديم الحب مند كان نطفة في رحمي، اقرأ له واغني له واكتب له، ومنذ فترة ليست بالطويلة بدأ يبادلني الحب..
لطيف المعشر وفطن، ادك المذكر من المؤنث بفطرته فانا دائما اقول له قبل ان يخلد الي النوم:"انت حياتي وروحي يا نديم"
فبادرني بذكاء" وانتي حياتي وروحتي يا ماما..
حاول ان يضفي لفظ التأنيث علي الروح.. لن أنسى هذه الكلمة ما حييت
اما فارس، فقد ولد عاشقا، بعينين واسعتين كالقمر ليلة اكتماله، عاشق هو منذ كان جنينا، خاض معي ما يشعرني بالذنب وتأنيب الضمير كلما نظرت لعينيه.. يحبني بجنون .. لم أتخيل لحظة أن يحبني اطفالي..
كنت اقول لاحمد ذلك كثيرا وانا في لندن.. انني اخشى الا يحبني ولدي او لربما يعاملني بفتور أو اعتيادية..
لهذا وضعت نصب عيني هدفا، انني سأشبعهما حبا.. سأنير دروبهم بشعلة هذا الحب .. لن أتوقف عن منحهما الحب كلاما وفعلا وخبزا..
وفي كل يوم يمر واري انعكاس هذا الحب الذي زرعته في عيونهم اشعر كأنني ملكت العالم بما فيه..
لكنني حين اقف امام المرآة في المساء، لا أرى نفسي..
حني انني لا اذكر كيف كانت هذه النفس من قبل،،
هناك اعوام سقطت من عمري سهوا، لا اذكر منها سوى رقهما فقط، وهناك أعوام محفورة في ذاكرتي مهما حاولت محيها لا تمحى ابدا ابدا
احيانا اقول انني وقبل سنوات طويلة ايضا كنت اقف امام المراة و أفتقد نفسي السابقة.. وهكذا دواليك في كل فترة من العمر، نفتقد ما مضى دون ان نملك قدرة الاستمتاع بما نملك.. ولو مر بي العمر للإمام سأشتاق لهما طفلين وانا ام شابة تلاغي وتلعب وتطهو
لكن وحتي قبل ذلك بسنين.. وحتى اليوم... وبعد اليوم.. انا لست انا
وحدي من يعرف السر، وحدي من يدرك السبب في انعزالي داخل صندوق كالتابوت
اليوم قال لي ابنة خالتي علي جروب العائلة حين بدأنا فقرة الهزل الليلة عن السمنة وكثرة الطعام مع الحجر الصحي، قلت له انني وياللعجب افقد وزني لانني كنت قد اعتدت فترة طويلة علي طلب الطعام الجاهز مساء للتسلية امام فيلم ومع ازمة هذا الوباء السخيفة اكثر ما يثير حنقي انني توقفت عن طلب الطعام مساء.. وفي المنزل أصنع طعاما شهيا جدا للصغار ولزوجي طوال اليوم ..لكن ابن خالتي اهانني بشدة وهو يرى مني زوجة مدللة لا تهتم بالمنزل ولا تعير اهتماما قائلا انني يجب ان اتعلم فنون الطهي ومهاراته من زوجته الحبيبة!!!
لا اعتقد انه يعرف ولو تفصيلة واحدة صغيرة عن حياتي ويومي.. زوجي يعمل طوال الاسبوع وانا اعيش مع صغيرين وحدي تماما اعتني بهما واشتري طلبات المنزل واطهو لهما الطعام الصحي طوال الوقت، وحين يعود احمد يجد عشاءه الشهى الساخن أمام التلفاز حيث يحب.. أظل مستيقظة رغم ارهاقي الشديد حتى الخامسة صباحا لأطمئن علي عودته.. اطهو للغرباء كثيرا جدا جدا جدا فوق ما يتخيل هو ارسل الطعام لاصدقائي و حماتي وامي كمفاجئات صغيرة مذيلة باسمي نديم وفارس.. ربما لا أجيد صنع السينابون كما تفعل زوجته لكنني لو صنعت السينابون سيلقى مصيره في سلة القمامة لأن أحمد لن يتناول سوى قطعة والصغار لن يتناولوا هذا القدر من السكر..
لا يعرف كم أبذل من الجهد وانا احملها معي بالسيارة لاشتري طلبات المنزل وتفاصيله لا يعرف كم صفحة اتابع لأصنع لهما مالذ وطاب.. لكنه مصمم ان يحصرني في دور المرأة اللامبالية الكسولة.. لربما لم تتحمل زوجته ولو خمسة اعشار ما اتحمل يوميا، هو لا يطيق عليها الغبار وهي كسولة حقا ولا تعمل ورغم كل ذلك تحب الطهي فقط ولا تجيد غيره ولم تعمل طوال حياتها!!!! ومع ذلك فقذ حصرني في دور غير المسؤلة في حين أصبحت هي امرأة مسؤولة بسبب السينابون والكيك!
انني ابكي كطفلة صغيرة بسبب هذه المواقف الصغيرة جدا.. لا اعرف لماذا يصر الجميع على حصري في أدوار قد تبدو ملائمة لملامحي الحادة وافكاري المتناثرة وحياتي التي كانت صاخبة..دون أن تمس حقيقتي ابدا... لا احد يتخيل كم أنا امرأة مستكينة بالكامل، امرأة تبذل كل وقتها بالمنزل ولو كانت امرأته تعشق الطهي فانا اعشقه ايضا، لكنني لا اعرف كيف أقول هذا للناس، حماتي تصر انني لا اهتم بطعام نديم لديها اعتقاد راسخ ان الطفل يجب ان نركض وراءه بصحن ملئ بالطعام..
لكن ولدي رجل راقي جدا يجلس على المائدة و يضع منديلا على ساقيه و يتاول الطعام معي انا ووالده بكل انضباط يفوق عمره بسنوات، وحين يرفع الطعام هو يعرف انه لن يحصل على وجبه أخرى بل سيحصل علي فاكهة او سناكس او حلوي فيجب عليه الالتزام بضوابط المائدة..
احاول ان ازرع فيه وفي شقيقة عادات ستساعدني في تنشئتهم كمراهقين واحاول ان يدرك هو بهذه الضوابط الصغيرة ان للمنزل تقاليد خاصة.. والغريب ان نديم لا يتوقف عن القول صراحة" انا بحب بيتنا الجميل الهادي"
تخرج الكلمات من فمه عذبة مثل صوته.. يردد كلماتي التي ازرعها فيه حين أصف له كل ركن في منزلنا بأوصاف جميلة.. فبدأ هو يبادلني هذه الأوصاف باوصاف اجمل واشهي حين هتف لي مرة بعد ان أبدلت شراشف الفراش" واو.. تسلم ايدك يا ماما.. السرير روعة.. سريرنا الجميل الدافئ"
هذه الكلمات وهذه التفاصيل اتعب جدا في زرعها والمثابرة على فعلها .. لكن لا احد يري اي شئ.. لا احد يراني اصلا..
تعبت كثيرا ، يبدو انني اعود هنا في كل مرة ينال مني الإرهاق مناله.. اتمنى ان استمر في الكتابة حتى لا تتيبس كلماتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق