أمضيت ثلاث ساعات أمام الشاشة اكتب وامسح الكلمات بتوتر غريب.. ليس الأمر بالجديد علي.. فقدت اعتدت زر العودة للوراء أكثر من الضغط علي الحروف منذ سنوات طويلة فقدت القدرة على عدها..
اريد ان اخبركم امرا عن فتاة تحب الكتابة، ثم أصبحت امرأة ومازالت تحب الكتابة، ثم تزوجت، وياللعجب، مازالت تعشق الكتابة، ثم انجبت، ويا عجب علي عجب.. مازالت تبكي كلما قرأت نصا مؤثرا!
العمل والسفر و التجارب تثري المفردات وتثري الخيال، لكن يبقى الحب هو الأمر الوحيد الذي يثري الإحساس، هو النار التي تطهي الكلمات قبل البوح، يبقي الرجل هو نقطة الارتكاز وهو ايضا نقطة السقوط، مهما حاولت المرأة أن تفني نفسها في تجارب تضفي عليها قدرا من الحداثة..
لكنني أقولها صراحة، واقرأها بين سطور الأصدقاء بخجل..
هناك دوما رجل قد أساء التصرف..
وهناك دوما رجل..
قد أساء الحب!
اعلم تمام العلم ما يفتعل في قلب كل امرأة، كل خفقة، كل انتفاضة، كل نار تبدأ من أعلى المعدة وتشتعل بالصدر لتخرج كتنهيدة ثقيلة، حارة وحارقة..
و امرأة- مثلي-حرقت من الأوراق أضعاف ما احتفظت وانتهت قبل البدء، لم تعد تملك حق البوح..
أقف في نقطة حائرة، فيبدو كل شئ جارحا، مريبا، مخجلا، مثيرا للتساؤل..ولأنني التمس من الصراحة منهجا واضحا في حياتي فأشعر كلما جهزت نفسي للكتابة كمن يختنق بالماء!
ان أبسط النصوص تبدو لي ملتفة كمن يتدرب على انتقاء الاجابات في حال جلس علي جهاز كشف الكذب!
اننا عرفنا العالم من اقلام الرجال، عرفنا الحب منهم، عرفنا العالم منهم، عرفنا الحياة منهم، سمعنا عن الحروب منهم، ووقعنا في الأزمات منهم
حتى اننا -كنساء- وياللعجب تعرفنا علي أجسادنا من الرجال..تعرفنا علي ما يجب ان نشعر ومالايجب ان نشعر منهم، تعرفنا علي اكثر مشاعرنا الحميمية منهم، يبدو ان خروج الرجل من الكهف اولا كان سببا في كل ما وقنا جميعا به واحدا تلو الاخر!!
اعتقد ان العالم اليوم يحتاج ان يكتب بقلم أنثى، يحتاج أن يقاد بعقل انثى، يحتاج ان تبدأ المرأة في قولبة مشاعر أجيال من الرجال..
يحتاج الرجل هو أن يعرف نفسه من خلال المرأة، يحتاج ان يشك في نفسه، يحتاج ان ينهار باكيا على أعتاب افتراضات خاطئة.. يحتاج ان يمارس أدوارا لا يعرف من بحق الجحيم الصقها برجولته، ويحتاج أن يراجع نصوصه وخيالاته وحروفه الف مرة خوفا من ان تلصق تهما اخلاقية به!
يحتاج الرجال ان يعتادوا الكتابة بأسماء النساء، يحتاج الرجال أن يعتادوا اخفاء هويتهم كذكور..، يحتاجوا التنكر بأزياء نسائية قبل دخول قاعات المحاكم، وسيحتاجون للحلاقة الناعمة جدا قبل ان يملكن حق رفع الصوت للاعتراض!
ان الكاتبات اليوم مازلن يصارعن في بداية الطريق،كطفل يتعلم الحبو.. انهن في مرحلة التعرف على أنفسهن علي الورق عن طريق ما يسميه اغلبهن "بوحا" أكثر منه "كتابة"
والبوح هو طريقة يفضفض بها الإنسان مع ذاته ومع شخوصه مقربين.. لكن العالم يحتاج لنساء يملكن من الشجاعة "او ما قد يسميها البعض وقاحة" ان يقلبن المعايير..
يحتاج عالم الغد ان يقرأ الحب من قلم انثى..
يحتاج ان يعرف عن الحروب من قلم انثى..
ويعرف عن العالم الخارجي من قلم انثى..
ونهاية-او لربما بداية- يحتاج الرجل أن يعرف نفسه هو وجسده هو ونواقصه هو ورغباته هو واحلامه هو، من قلم انثى!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق