الخميس، أغسطس 09، 2018

مهما بلغ منتهي الانسان في كل ما يملك، سيظل يشتاق لما لم يحصل عليه، تظل الكلمة التي لم تقل، الفعل الذي لم يتم، كل ما خطر بالبال ولم يصل لليد، كل ما هفت اليه النفس ولم يحصله الجسد.
تروق لي سيدة قالت لي بطيب خاطر: النساء ماكرات جدا عزيزتي،،
ضحكت علي خاطرها لا لشئ سوي لعلمي بهذه الحقيقة قبل سنوات طويلة،
اصبحت اثق تمام الثقة ان جزء اصيلا من تطور الإنسان في حياته ومشاعره وأفكاره ينبع من اعترافه بالحقائق..
حسنا، حتي الحقائق ليست واضحة كما نعتقد، انها ماكرة، لأنها مؤنثة!
لهذا هي مغرية، بعيدة، مخيفة، ماكرة، هي الأصل مهما حاول الواقع -الذكوري- ان يقفز حولها محاولا إخفائها بأفعال ومناورات وأحاديث، بطبقات سميكة من الأفعال ..
كل شئ في الحياة، يبدو لي تافهة لدرجة مخيفة، لدرجة انني اسأل الله يوميا: هل هذه هي الحياة التي قد نخلد في النيران لأجلها؟

انني اكذب!
لأنني أسأل الله ثم انغمس انغماسا تاما فيها.. بكل متعها ولذاتها، اعترف بقصور تفكيري في امور بعينها، لكنني حتي قصوري هذا استمتع به، فلا شيئ اجمل من اعتراف الانسان بضعفه، وان يترك للخالق التدبير، تماما كأن تجلس بجوار من تحب وينطلق بسرعة مغريه بين الجبال، فلا تملك سوي ان تستسلم للهواء وهو ينعش روحك، وبالثقة في ان هناك من يحافظ علي روحك.

انتظرت زوجي خارج غرفة العمليات قبل يومين لاخذ منه شيئا، كان هناك رجلا ينتظر ولادة زوجته، اخبرني احمد كثيرا عن انه يعرف مقدار حب كل رجل لزوجته من طريقة انتظاره!
شكرت الله انه منحتي هذه اللحظة خلسة وقررت الانتظار في تلك الردهة الكئيبة الرطبة، وقف الرجل متوترا، اختلطت عليه اصوات صرخات النساء، فلم يميز امرأته، لكن الجميع سكت سوي واحدة كانت هي زوجته..
توقفت في زاويه بعيدة عنه اراقبه في صمت، لكن هو، كان يتمتم بأدعية او ايات.. ظل يروح ويجئ، ومع صرخة بعينها سالت دموع بحرقة ونظر للباب متوترا كأنه يرغب ان يرافقها في لحظة المها، ان يخفف عنها، او يحمل عنها هذا الوجع!
لاا عرف ما الذي دفعني للذهاب والوقوف بجواره وفجأة ميزت اذناي صوت بكاء طفل.. ابتسمت بطفوله وقلت له: يبدو ان طفلك قد وصل! نظر لي الرجل بذهول واسترق السمع هو الاخر ثم اشرق وجهه بابتسامة واسعة كأنه عاد توا من الموت وقال لي : نعم نعم .. هو ابني ..  خرجت ممرضة طمأنته ان زوجته وضعت طفلة، طار الرجل فرحا وانطلق يحضر الملابس والاغراض .. شكرت الله كثيرا اأنه فتح لي بابا علي روح رجل في تلك اللحظة..
حكيت لاحمد الموقف بحماس حين عودته مساء فابتسم لي بحنان قائلا: لتعلمين كم تحملت وقت ولادتك، و حتي تعرفي ان الرجال يملكون مشاعر ايضا ياحبيبتي !
لم أشكك لحظة ان الرجل كالمرأة يملك مشاعر من الخوف والحزن والحب وربما اكثر عمقا من المرأة مشكلتي الوحيدة التي أناقشها دوما في كتاباتي هو احتفاظه لهذه المشاعر لنفسه، كأن اعترافه بها علنا لن يقدم او يأخر شيئا من مركب الحياه، لكن هذه الاعترافات الصغيرة لها ان تقلب الكون وتجعل الأزهار اكثر اشراقا، والحياة أكثر ألوانا،، لها ان تجعل السماء تتلألأ والورود تفوح عبيرا ..
كنت اتمني ان ابقي حتي اخبرها انه كاد يجن قلقا عليها، تمنيت ان تقال الكلمة السحرية التي نسكت قبلها، ان اخبرها ما قد يسكت هو عنه وسط بكاء الطفل الجديد وتعب الام وانقلاب الحياة رأسا علي عقب..
عل هذه الكلمة ان تهون عليا سهر الليالي الطويلة، لعلها تغفر له زلاته وسط المسؤولية الجديدة عليه.. علها تنظر له بعشق وسط التعب ..

تسائلت وانا استمع لاداجيو بهيام لا يتلائم مع صخب صالات التحرير٫ لماذا نكذب؟ هل نكذب لنتجمل؟ لكننا في الكذب لا نتجمل بل نكون اكثر قبحا.. اذن لماذا نكذب٫ لماذا نخرس القلب عن كلمة قد تغير مجري الكون وتعيد دقات الساعة للخلف حيث العمر الأجمل؟ لماذا نكذب طالما لن ننال ما نريد؟
انا استشعر حمقا مريرا، كأنني اتشبث بما لم يعد لي من العمر، او كأنني اريد السفسطة لا لشيء سوي لاستشعر ذاتي تنبض من جديد
علي كل حال، هناك من خلقوا للحزن، وهناك من خلقوا للحياة، وهناك من خلقوا ليتنقلوا بينهما بحف ناعم وثوب حريري يهفهف باغراء عند حافة القدم.. اتمني نبضا من الحياة لأكون من المتنقلين بين الحياة.. والحزن!




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جود الحياة

 اظن انه حان الوقت لأكتب عن أجمل شئ حصل في حياتي كلها .. أن يمنحني الله فتاة!  جود اسميتها جود، لأنها كرم كبير من الله، ولأنني استحضرت اسمها...