الجمعة، مايو 26، 2023

 إنني أملك أوراقا لا يمكن لأحد أن يتخيلها.. ولأنني انتقلت بين عدة منازل ومحافظتين ودولتين بعد زواجي فقد كنت اجمع كتبي وأوراقي في كل مكان اذهب اليه، حتي انتقلت الي بيتي هذا في عام ٢٠١٧ حين عدت من لندن وكان معي نديم ولم يكن عندي غرفة مكتب جاهزة اللهم الا مكتبي القديم فقط..

يبدو أنني تركت كل كتبي واوراقي في كراتين في بيت أمي عند جدتي.. ست سنوات..

كنت اعود لمكتبتي التي تركتها في بيت امي وابحث بين الاوراق عن كراسة بعينها فلا اجدها.. بحثت كثيرا جدا..وكان هناك خزانة مغلقة ومفتاحها في ميدالية مفاتيحي القديمة.. وأمس، اشتد بي الحنين فأخذت الصبية لبيت امي وقررت فتح الخزانة فلم أجد بها غير البومين من الصور..ولم أجد الكراس المنشود!

بحثت في كل مكتبة في المنزل، كل خزانة، كل اوراق امي الكثيرة جدا.. لم اجدها..

وفجأة تذكرت أنني حزمت الكراتين الي بيت امي عند جدتي، حملت نفسي بكل شوق الي هناك.. في حجزة مزدحمة استخدمتها العائلة كلها لتخزين ما يفيض عن منازلهم، وهناك وجدت كراتين مليئة برواياتي أنا وكتب أحمد.. انفتح باب في قلبي.. الكراسة هنا.. في مكان ما..

ازلت الكراتين فوجدت كنوزا كنت قد نسيتها بالكامل، كل اوراق امتحاناتي بالجامعة، صوري وصور صديقاتي في كل مراحل عمرنا، خواطر واوراق وكراسات كثيرة جدا.. ثم فجأة وجدت كراسا بلون زهري لم أكن أذكر ما به، يبدو لي ككراسات المذاكرة اقرب منه لتلك المفكرات التي اشتريها لتدوين الخواطر، فتحت صفحاته لأصدم تماما..يبدو أنني في الفترة من ٢٠٠٩ الي ٢٠١٢ كنت اكتب خطابات بشكل دوري، بخط منمق وتواريخ مفصلة.. هناك بقايا دموع حيث ترق الورقات في مواضع بعينها وسط السطور.. ثم دموع شمعة .. يبدو أن هذه الخطابات كتبت علي ضوء شمعة..تذكرت كل شئ..

ابتسم.. كيف كنت رومانسية كل هذا القدر، وكيف تمت خيانتي بكل هذه القسوة! 

أنظر لنديم، إنه نسخة مني، يبقي مستيقظا من دوامات التفكير التي تسحقه.. ثم أراه وقد تعلم الكتابة منذ عامين يكتب ايضا اسماء ومشاعر بسيطة.. مثلا journir cry today وهي رفيقته التي يبدو انه احبها من النظرة الاولي، تفيض دموعي وابتسم في نفس اللحظة.. انه يعرف الحب!

سيصبح مثلي وإن كنت اتمنى له قدرا افضل، لكنه يؤرخ، هل ستعذبه الذكريات؟ أم سيكون أكثر شجاعة من أمه؟

ــــــــ

"من جدي فِيروس تعلمت الدماثة وضبط النفس"

"ومن والدتي تعلمت التقوى والإحسان والتعفف عن فعل السيئات ومن مجرد التفكير فيها"

"ومن مكسيموس تعلمت ضبط النفس والتمنع عن النزوات العابرة"

تبدو لي حكم ماركوس اوريليوس في التأملات تليق بالرجال أكثر من النساء..  ضبط النفس، العفة، فعل السيئات، التمنع عن النزوات.. إنها أمور ترتبط بالرجال أكثر وضبطها يزيد من النخوة ويحقق الفضيلة.

وهل ولدنا جميعا بعباءات الفلاسفة و قلنسوات المفكرين او المحاربين؟

 إن الحياة منذ الميلاد للموت هي "محاولة" للفضيلة، حين تُطلق علينا نزوات قلوبنا ككلاب شرسة، لا مجال هنا لتركها تحوم بين أيامنا حتى لا نحكم علي أنفسنا بالعار فيما تبقى لنا من أيام.. بل وجب ترويضها.. مهما بدى الترويض فعلا مؤلما

الفضيلة هي إيثار الغير، الفضيلة هي العصا التي نضرب بها أفكارنا لنعود الي صوابنا في كل مرة تغوينا اللذات، الفضيلة هي فعل من أتقنه فهو في مصاف الخالدين.. ومن ملك لذة حارقة في حياته تكون محاولات ممارسة الفضيلة أكثر قسوة لكنها قد تسمو بالروح في مجالس عدة إلي مواضع لن يصل إليها الآخرين ممن يملكون لذات عابرة او ينجرفون بحكم اللامبالة.

وحتى إن كنت أرى أن حكم اوريليوس تليق بالرجال أكثر فتطبيقها على النساء أشد قسوة.. هذا لأن المرأة خلقت من ضلعه فلا مجال لصلاح الجزء إلا بصلاح الكل، وليس العكس كما هو سائد ومعتقد، فالكل يرى أن صلاح الأسرة مثلا او الافراد كأجزاء اصيلين في تكوين المجتمعات قد يثمر بالضرورة عن صلاح المجتمع، لكن حقيقة انبثاق المرأة من ضلع الرجل يمكن تشبيهها تماما كالولادة، فإذا صح جسد المرأة الحامل ،صح جسد جنينها بالتبعية، وهنا يمكن القياس على أن صلاح الرجل أولا هو المؤدي الحتمي لصلاح المرأة..

أقول هذا ولا أعرف إن كان سيقي لي من الوقت لأكمل كتاباتي، وأنهي تجهيز حجرة مكتبي الجديدة التي مضى على وجودها ستة أعوام دون أن تليق بكتاب جديد.. 

ـــــــ

تركت المدونة التي فتحتها للكتابة صباحا، ثم اتجهت لمقهاي المفضل، كان في سيارتي كرتونة عثرت عليها في كنوز أمس لكنني لم أصعد بها لمنزلي، تركتها في السيارة، وقبل ان أترجل للمقهي مددت يدي في الكرتونة بشكل عشوائي لأخرج بكتاب" الجهل" لميلان كونديرا..

قرأت غلاف الكتاب الخلفي، وعلى غلافه الأمامي امرأة تجدف في مركب صغير في بحر داخل حجرة نوم!

فتحت الكتاب وانا اشرب قهوتي، يقول علي لسان إرنا:

"عودة عظيمة، لم تقاوم بعدها: بقيت أسيرة صور سرعان ما انبثقت، من قراءات قديمة وأفلام سينيمائية، من ذاكرتها ومن ذاكرة أسلافها: الإبن المفقود الذي يعود ويلتقي بأمه العجوز، الرجل الذي يعود الي حبيبته التي اقتلعه منها قدر ضار، بيت مسقط الرأس الذي يحمله كل شخص داخله، الطريق المعاد اكتشافه والذي بقيت فيه آثار خطوات الطفولة الضائعة، عوليس التائه الذي يعود الي جزيرته بعد أن تاه لسنوات، العودة، العودة، سحر العودة العظيم"

الثلاثاء، مايو 16، 2023

ليتني أنجب طفلا ثالثا!

رغبة لم اتخيل وجودها داخلي ولا حتي في أكبر خيالاتي الشاطحة، فقد عانيت الأمرين مع طفلي الثاني تحديدا،، لكن اليوم حلمت حلما غريبا.. 

حلمت أنني أحمل رضيعا أنا أمه، وأننا جميعا في مسبح ما .. كل العائلة كأننا نستمتع بحوض خاص، ثم حملت ولدي بين يدي واخذت اسبح به وانا احاول ان احمي رأسه ان يغمرها الماء، كان يبكي كثيرا.. لا اذكر ان كان صبيا أم فتاة لكن اعتقد صبيا..

المهم انني اذكر حضني له.. كان صغيرا ودافئا وضعيفا.. 

نظرت يميني منذ قليل فرأيت عصفورة صغيرة تقف علي شباكي من خلف الزجاج، تمنيت ان احتضنها جدا جدا.. ما بالي أريد أن أحضن الصغار والضعفاء كل هذا الحد. حتي أنني حين امسكت بلذيذ هذا القط الصغير جذا الذي احضرته ابنة خالتي الي بيتي، لم اتخيل ان امسك قطا في حياتي.. لكنني احتضنته بكل حب حته انني وضعته علي كتفي ولمس رقبتي!

اتذكر طفلي في الحلم.. لا اعرف من انا في احلامي، هل هي حقيقتي؟ 

اتوقع الاجابة هي نعم.. احلامي هي حقيقتي. انا أنثى تحب دورها كأنثى ولا اعرف كيف اتوافق مع هذا الدور في واقعي الذي أنا مسؤلة فيه عن كل تفاصيل الحياة

أحمد يحبني، يقول لي هذا..  نادرا.. او حين اطلب انا منه هذا..  لكن كيف سأموت وأنا لم اسمع هذه الكلمة من أعماق قلبه دون طلبها؟ يتحدث عن المواقف التي يتجلى فيها الحب، لا انكرها، لكن لا ترتوي النساء بالمواقف، فسرت له هذا مرارا.. ثم يأتي المجتمع ليضع قوله الفصل بأننا يجب أن نتحمل، الزوجات يجب أن يتحملن، ولا اعرف السبب وراء ذلك، احاول ايجاد تفسير في كتابي الجديد.

لا أعرف، ربما الأطفال هم امتداد لجذوري كأنثى لهذا اشتقت لهم.. ربما هي مقدمات لسن اليأس.. ربما هناك خطب ما أصابني مؤخرا..

كل ما اذكره هو نفس الشخص، وحلمي بطفل احاول أن أحميه من الغرق!

جود الحياة

 اظن انه حان الوقت لأكتب عن أجمل شئ حصل في حياتي كلها .. أن يمنحني الله فتاة!  جود اسميتها جود، لأنها كرم كبير من الله، ولأنني استحضرت اسمها...