أنا محاصرة بعدد مريب من الشخصيات المضطربة، اكتشفت في نفسي مرونة غير متوقعة، وكأنني اصبحت مطاطية أكثر مني صلابة، فبتت اتمدد من الجنون والضربات.. اتسائل: الا استطيع المواجهة؟
الحقيقة أنني لا أفضل المواجهات وليس خوفا او عدم استطاعة..
لكنها المواجهة تعني افحاما لمن امامي واذلاله واحكام قبضتي علي عنقه حتى الموت.
لا اعرف ان كانت السادية من صفات أنثى العذراء، لكنها تقبع في جانب مظلم من روحي .. هناك.. لربما أحتاجها يوما.
لكن هل يجوز احكام قبضتي علي كل المضطربين حولي، الذين يمارسون جنونهم علي كأنني حائط منيع لا اتأثر.. كأنهم يملكون هوسا غيري وفهما للحياة اكثر مني وحكايات... حكايات كثيرة مليئة بتفاصيل تشبه شجارات الشوارع..
اقابل كل هذا الهوس بالصمت وبابتسامات المجاملة واحيانا بنصائح تثير بلاهة في عيونهم !
لا أعرف ان كنت حكيمة أكثر من اللازم، أم متزمتة، ام واقعية..
لربما الواقعية هي الاكثر انصافا لوصفي، لم اعد أطيق الحيرة والتساؤلات.. حتى لو كنت امارسها بحرفية علي الورق وداخلي لكن احساسي بالمسؤولية تجاه الاخرين يدفعني لمنحهم حلول، وحصر اجابات الحيرة في اجابة او اثنين علي الاكثر... لا ان اجلس واتفلسف معهم!
__________________________________________
بعد كل هذا العمر، مازلت بعيدة كل البعد عن حقيقتي.. حتى أنني احيانا أحلم بخيال أو بروح تتكرر دوما في خيالي احسبها أنا الحقيقية.. لكنني حين اواجه نفسي في المرآة وهو أمر نادرا ما يحدث اتعجب حقا من هذه المرأة.. حتى كلمة امرأة لا تلائمني.. ولا حتى كلمة فتاة.. ولا أنثى... لا اعرف ان كنت حقا امراة.. ارى نفسي عجوز جدا.. لست امرأة عجوز.. انا شخص عاجز كأنني امرأة ورجل في آن واحد..
لا احسب كل امراة تثق في كونها امرأة، ولا كل رجل هو رجل.. كأننا بضع قطرات من الجنسيين نتحد معا وما يزيد بمقدار يصبح هو السائد.. فنعيش حياتا نواري الجزء الاخر منا.. فيبجث الرجل عن من يشبع رغبة دفينة داخله بالدلال، وتشعر المرأة برغبة قوية في السيطرة والقيادة..
حيانا اشعر ان المسئولية الملقاة علي عاتقي هي ما تجعلني لا التفت كثيرا لكوني امرأة.. ولا أرجح كوني رجلا... أشعر أنني اتأرجح بين الدورين بطريقة تصيبني بدوار، الغريب أنني حين اجلس أسبح في جوف الليل أو حين اتأمل الغروب وحدي في لحظات نادرة.. اكتشف هشاشة مريبة .. هشاشة لم تولد امس.. انها هناك منذ زمن طويل.. منذ كنت طفلة في العاشرة لربما.. ولهذا عشت سنيني الطويلة لا افعل اي شيء سوى بوضع طبقات سميكة لحمياتها .. مم؟
من أن تظهر فأشعر بالخجل لكوني هذه النسخة..
اعرف بشرا يستغلون حساسيتهم وهشاشتهم في ممارسة الجنون علي الاخرين بكل اريحية ، كأن تجد رجلا عصبي لا يستطيع تحمل قشة فوق ظهره فينتفض كثور هائج ويبرر ذلك أنه عصبي.. لا أنه هش.
أو امرأة تبكي كلما رمش لها أحد قائلة إنها لا تحب هذا أو ذاك، والحقيقة هي هشاشتهم التي يستغلونها لطريقة لئيمة .. وأحيانا مثيرة للشفقة.
___________________________________________
إنني كلما حاولت الكتابة بحثا عن الهدوء والاتزان، تثار نفسي وأشعر بالغضب..
أشعر بالحماقة والقزمية وقلة الحيلة..
الغضب!
أحيانا اشتاق لأن أتنفسه.. اصرخ في المارة، في السيارات المجاورة، أصرخ في اطفالي، أصرخ في زوجي، أمارس أي طقس من طقوس الغضب..
أنفجر باكية وأنا اقذف الكئوس أو اي شئ في طريقي.. لكن عقلي يعمل بسرعة الصاروخ فأعرف أنه لا جدوى من الصراخ.. فأصمت
الكتابة هي ملاذي.. مسوداتي الكثيرة التي لا اعرف اين اضعها ولا متى كتبتها،كأنني اتعمد نثرها في كل مكان.. لكن حتى الكتابة أصبحت عبئا علي قلبي حين اشرع في كتابة أي شئ ولا تطاوعني الكلمات، فأشعر بالخذلان واصمت ايضا...
الكلام..
حين تربي الأم اطفالا صغار، يصبح حديث البالغين أمرا نادرا في حياتها فيتقلص تدريجيا حتى يختفي ولا تعرف كيف تفتح كلاما مع أحد.. فهي تقضي أعواما طويلة تتحدث لطفل وتفهم همهمات وكلمات غير مفهومة للآخرين.. وتعيد تسميه الأشياء لتشرح له الحياة.. وهنا تتراجع المفردات حتى تختفي، ويصبح الأمر مربكا بالنسبة للكاتبات أيضا.. فتراجع المفردات يعني النضوب. والنضوب يعني الموت..
لكنني لا أصف حالتي بالموت، إنها أقرب لفقدان الوعي، الغيبوبة..
متى ينتهى الحديث؟
ينتهى حين نشعر بالملل!