السبت، سبتمبر 17، 2022

 لا اشعر برغبة في فعل أي شئ اليوم.. 

استيقظ متاخرة عن ميعادي المعتاد. يتراجع نشاط عقلي ..

لم أركض اليوم .. اشعل بساحة تغشى رومشي.. لم تحمها القهوة ولا ترطيب جسدي بالكثير من المياه كما اعتدت مؤخرا

لا تطاوعني الكلمات، ولا زمن بروست المفقود وإن كنت بكيت كثيرا وأنا اقرأ المقدمة! 

هل كنت دائما شديدة الحساسية؟

نعم، يبدو كذلك.. مضحك الأمر أن أكون علي مشارف الأربعين ولم أتعرف بعد علي نفسي.. أحيانا حين أشاهد مقاطع الفيديو المصورة، او المغنين وهم يؤدون أغانيهم أحسدهم.. احسدهم لقدرتهم علي تقمص الكلمات.. علي تحرير ملامحهم فيلبسون الحب والكره والغنج والدلال والتعجب والانكسار والهزيمة و و و .. 

هذه المشاعر الكثيرة التي يجسدونها وهم يغنون .. كم تشعرني بالخجل! كيف يمكن للانسان أصلا أن يتدلل في العلن؟ وكيف يمكن أن يسمح للآخرين برؤيته مهزوما؟ كيف يمكن أن نتعرى هكذا ولو من بابا التمثيل؟

نعم أنا شديدة التأثر، كعمود من الصلب وإن بدا قويا وثابتا، لكنه سيصدأ لو بقي بجوار الرطوبة كثيرا.. سيصبخ ساخنا كالجحيم لو بقي في الشمس، وباردا حد الموت لو بقي في الجليد.. إنه وهم القوة.. لكن الحقيقة أن كل العوامل الخارجية تأثر فيه ومع ذلك لن يتعاطف معه الهواء ولا الماء !

اتخيل أحيانا كيف يراني الناس؟ قالت لي رفيقة مؤخرا وهي تعرفني علي رفيقة جديدة : امنية شخصية اول ما تشوفيها هتقولي ايه كمية الغرور والتصلب والتحكم والتصلب في الرأي دي .. مش هتصدقي وهتحسي ان صعب تتعاملي معاها بس الحقيقة انا بعد سنيين مافيش حد بيفهمني ادها ولا بيساعدني غيرها وأكتر حد بثق فيه وبقوله كل اسراري..

كانت المرة الأولى التي اسمع انطباعها الأول عني: غرور وتصلب وتحكم في الرأي ..

يسوق لي القدر هذه الرؤى كثيرا احيانا صراحة وأحيانا بطريقة غير مباشرة.. لم أر شخصا سيئا في رواية الجميع أكثر مني .. 

لن ادافع عن نفسي ولم افعل يوما .. لكن خجلي الدائم يجعل بيني وبين الآخرين مساحات شاسعة لا استطيع اختراقها او السماح لأحد باخراقها .. فهي تحميني من البكاء بغير سبب أو الشعور بالخزي أو فقدان الأعصاب .. فأصبح كتمثال متحجر .. يساء تأويل كونه صلبا وصامتا .. لكن لا احد يعرف مثلا أن هؤلاء فائضي المشاعر كثيري الكلام والأحكام والأفعال يثيرون ضيقي وغضبي .. احتمي بالمساحات بيني وبينهم.. لا يعرف أحد أن قصصهم تأخذ من تفكيري ومشاعري ووقتي الكثيربل وأحيانا تصيبني بالفرغ،  لكني لا اجرؤ علي اصدار الاحكام علانية علي مسامعهم وأكتفي بنصح منمق.

ومع ذلك.. لا يتردد أحد أن يصدر حكمه علي ويجهر به جهرا.. لا يتردد شخص أن يكون فجا وهو يتخيل مني ما ليس في..

حين قال الطفل في فيلم باراسايت أنه رأي رجلا غريبا في المطبخ، لم يصدقه أحد.. وأول ما خطر في بالهم أنه يعاني من هلاوس بصرية، وبدأت رحلة علاج الطفل الذي ظل يعاني من قلق وغربة وخوف .. لم يتخيل أحد ولو لثانية واحدة أن الطفل علي صواب، وأن هناك خندقا طويلا في المطبخ يعيش فيه انسان .. يأكل ويشرب وينام .. تبدو الحكاية كخرافة من الزمن القديم، لكنها كانت هي وحدها الحقيقة!

لهذا لم أرضخ ابدا للمنطق فالمنطق وإن بدا منمقا كرجل يرتدي ربطة عنق حريرية وبدلة زرقاء نظيفة.. ويقف ممشوقا وواثقا..

فالحقيقة هي امرأة.. امرأة فاقدة للعقل لا ترتدي إلا ما يستر عورتها يرميها الجميع بالجنون لكنها وحدها من ينطق الحق! 

وأنا كأمنية لا أصدق المنطق كثيرا بل وأراه خبلا مهما تراصت دوافعه وأسبابه لتأتي بنتائج مدروسة ومنطقية.. هناك شئ داخلي يأبي التصديق.. يأبي الرضوخ 

تقول مديرة البرنامج وهي سيدة عادية لا تملك ما يميزها : لا مجال للمشاعر في العمل..  ابتسم ابتسامة خفيفة خلف الكاميرا واتواري وسط عشرة اشخاص أو يزيد بنفس الاجتماع.. لماذا تنفي النساء عن انفسهن التأثر بالمشاعر ويحاولن أن يقلدن الرجال؟ 

وهل نجح الرجال؟

تبدو ساذجة كطفل يرتدي سترة أبيه ليبدو كبيرا في السن والحقيقة أنها ليس علي مقاسه.. ابتسم لأن المشاعر وحدها هي من تحرك الأعمال الابداعية.. هي وحدها من تجعل الانسان يكتب نصا جميلا ويختار مقطوعة مميزة ويبذل وقتا في اخراج عمل مسموع او مكتوب او مرأي بطريقة مبتكرة.. الحقيقة أن المشاعر هي اللاعب الوحيد الصالح في عملي لكن ولكن لأن المنطق اعتاد قول هذه العبارة الكلاشيهية فهي تكررها دون فهم حقيقي لمعناها ولتطبيقها ..

كم أكتب؟ وأين اكتب ؟

اإنني كلما فكرت في عدد الكلمات التي كتبتها طوال عمري تناثرت صور المجرات أمام عيني فتبدو كلمات كالنجوم المنثورة هنا وهناك.. لامعة غير مترابطة.. لكنني وحدي من أرى دروبها .. من أين نشأت.. لكنني لا اعرف إلى أين ستقودني يوما! 

جود الحياة

 اظن انه حان الوقت لأكتب عن أجمل شئ حصل في حياتي كلها .. أن يمنحني الله فتاة!  جود اسميتها جود، لأنها كرم كبير من الله، ولأنني استحضرت اسمها...