كيف يمكن للأنسان أن يعيش وهو محمل بأطنان من القلق والاكتئاب؟
أنظر إلى نفسي من الخارج، أرى امرأة عادية، تلبس ألوانا مشرقة، تضع الماكياج وتتحدث بحب.. عن الحب وعن الكراهية.. تشد من أزر من حولها، وتلهيهم عم مخاوفهم التي تملك هي أضعافها مضروبة في مليون.
إنني أصبحت اخاف أن أبوح بأي شيء يجول بخاطري، ومن كثرة الهروب بات عقلي يحمل ضبابا كثيفا، يشبه السحاب.. يشبه الدخان.. فلا أعرف كيف أفكر، كيف أشعر، كيف أتحدث.. كأن شيئا غامضا يقبض علي عقلي.. عقلي هو المنشود هذه المرة.. عقلى هو المستهدف.. عقلي هو المتعب..
حتى كتاباتي علي هذه المدونة أصبحت سخيفة ومكررة، أحيانا لا أعرف إلى أين أذهب، وهل مساحة ضئيلة للبوح مثل هذه المدونة هي نهاية مطافي في العالم؟
هل أكترث أصلا للعالم؟
يبدو أنني لا أكترث لكنني أخاف كثيرا علي أبنائي.. الخوف من المستقبل، فقدان الشغف الكامل بكل تفاصيل الحياة، حتى الطعام الذي أعشقه أصبح يمثل عبئا كبيرا علي قلبي..أتناول بضع لقيمات وأشعر بالشبع لكنني أريد الاستمرار في الأكل لأثبت لنفسي أنني مازلت شرهة للطعام.. وفي الليل أشعر بتوعك شديد..
أبنائي.. لا يعرفون ولن يعرفوا أنني أقضي ليالي طويلة أبكي بجوارهم ليلا وأنا لا أعرف كيف أحميهم من هواجسي ومخاوفي، هل كل الأمهات مثلي؟ كيف سيعيشون في هذا العالم المفزع؟ وكيف أصلا ساحميهم وأنا أملك كل هذا الهلع؟
أكره العمل الإذاعي والصحفي إنه يحمل الكثير من الضغط غير المبرر وأسرح أمام الشاشة متسائلة، هل كان أبنائي أحق بهذه الساعات الطويلة؟ أشاهد فيديوهات لآباء يطورون مهارات ابنائهم فأشعر بالتعاسة أنني لا أملك الوقت الكافي ولا الطاقة لأهتم بنديم.. إنه نابغة بكل المقاييس..
ماذا عساني ان أفعل سوى الاستمرار في كل الأفعال التي لا أحب.. ولكن ماذا أحب أصلا حين كنت أعتني بطفليّ لأربع سنوات كنت أشعر بالقلق من المستقبل، وأسعى أن أكون أما نموذجية، وحين بدأت العمل اشتاق حقا للبقاء في المنزل ومازلت أعاني صعوبات شديدة في المزاج والاستيقاظ باكرا..
هل أنا مضطربة؟ يبدو أنني مضطربة تماما.. أصبح الأمر جليا..لا أحد في الكون يربت علي كتفي ويحتوي اضطراباتي النفسية سوى أحمد.. يبدو أنني أخاف من المستقبل وأحسب له ألف حساب لكن أحمد يسحب حساب اللحظة الراهنة وهو ما يجعله يرى اضطراباتي غير منطقية فيبتسم ضاحكا وهو يشرب الشاي ويقول مازحا ماتوجعيش دماغك يا منمن كله يبقي زي الفل..
تطيب هذه الكلمات البسيطة جروحي لكن حين يتعسر مزاجي في بسبب قلة النوم او انعدامه وقله نشاطي وقله شعوري بالاثارة تجاه الحياة أحتاج إلى مسكن قوي.. أحتاج إلى أن أسقط من فوق جبل لربما أو أن أغوص تحت الماء فتبتلعني سمكة فأبقي داخلها بعض الوقت ثم أخرج.. أو أن أتفتت لملايين القطع الصغيرة وأتبعثر في شتى البقاع ثم ألملم من جديد، أحتاج أن أجرب فعل التلاشي لكن بشرط أن أعود مرة اخرى..